والسداد، قد وقر قلبه ذكر المعاد، فطوى مهاده (1) وهجر وساده، قد عظمت فيما عند الله رغبته واشتدت منه رهبته، يظهر دون ما يكتم ويكتفي بأقل مما يعلم، أولئك ودائع الله في بلاده، المدفوع بهم عن عباده، لو أقسم أحدهم على الله لابره، آخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين.
وقال عليه السلام: وكل الرزق بالحمق. ووكل الحرمان بالعقل. ووكل البلاء بالصبر.
وقال عليه السلام للأشعث (2) يعزيه بأخيه عبد الرحمن: إن جزعت فحق عبد الرحمن وفيت وإن صبرت فحق الله أديت، على أنك إن صبرت جرى عليك القضاء وأنت محمود وإن جزعت جرى عليك القضاء وأنت مذموم (3). فقال الأشعث: إنا لله وإنا إليه راجعون فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أتدري ما تأويلها؟ فقال الأشعث: لانت غاية العلم ومنتهاه فقال عليه السلام: أما قولك: " إنا لله " فإقرار منك بالملك. وأما قولك " وإنا إليه راجعون " فإقرار منك بالهلك (4).
وركب يوما فمشى معه قوم فقال عليه السلام لهم: أما علمتم أن مشي الماشي مع الراكب مفسدة للراكب ومذلة للماشي، انصرفوا.