النبي صلى الله عليه وآله فقلت: يا بني رجل أحب أن يكرمك فكل فقال: هو لي دون أصحابي؟
فقال بحيرى: نعم هو لك خاصة فقال النبي صلى الله عليه وآله فإني لا آكل دون هؤلاء، فقال بحيرى: إنه لم يكن عندي أكثر من هذا؟ فقال: أفتأذن يا بحيرى إلى أن يأكلوا معي؟
فقال: بلى، فقال: كلوا بسم الله، فأكل وأكلنا معه فوالله لقد كنا مائة وسبعين رجلا وأكل كل واحد منا حتى شبع وتجشأ، وبحيرى قائم على رأس رسول الله صلى الله عليه وآله يذب عنه ويتعجب من كثرة الرجال وقلة الطعام، وفي كل ساعة يقبل رأسه و يافوخه، ويقول: هو هو ورب المسيح، والناس لا يفقهون فقال له رجل من الركب: إن لك لشأنا قد كنا نمر بك قبل اليوم فلا تفعل بنا هذا البر؟ فقال بحيرى: والله إن لي لشأنا وشأنا، وإني لأرى ما لا ترون وأعلم ما لا تعلمون وإن تحت هذه الشجرة لغلاما لو أنتم تعلمون منه ما أعلم لحملتموه على أعناقكم حتى تردوه إلى وطنه، والله ما أكرمتكم إلا له، ولقد رأيت له - وقد أقبل - نورا أضاء له ما بين السماء والأرض، ولقد رأيت رجالا في أيديهم مراوح الياقوت والزبرجد يروحونه، وآخرين ينثرون عليه أنواع الفواكه ثم هذه السحابة لا تفارقه، ثم صومعتي مشت إليه كما تمشي الدابة على رجلها، ثم هذه الشجرة لم تزل يابسة قليلة الأغصان ولقد كثرت أغصانها واهتزت وحملت ثلاثة أنواع من الفواكه، فاكهتان للصيف وفاكهة للشتاء، ثم هذه الحياض التي غارت و ذهبت ماؤها أيام تمرج بني إسرائيل (1) بعد الحواريين حين وردوا عليهم فوجدنا في كتاب شمعون الصفا أنه دعا عليهم فغارت وذهب ماؤها، ثم قال: متى ما رأيتم قد ظهر في هذه الحياض الماء فاعلموا أنه لأجل نبي يخرج في أرض تهامة مهاجرا إلى المدينة اسمه في قومه الأمين وفي السماء أحمد وهو من عترة إسماعيل بن إبراهيم لصلبه. فوالله إنه لهو.
ثم قال بحيرى: يا غلام أسألك عن ثلاث خصال بحق اللات والعزى إلا (ما) أخبرتنيها، فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله عند ذكر اللات والعزى وقال: لا تسألني بهما فوالله