وجعلني نبيا " فعلم أهل العقول أن الله عز وجل لا يختار لأداء الرسالة مغمور النسب ولا غير كريم المنصب، كذلك الإمام عليه السلام إذا ظهر كان معه من الآيات الباهرات و الدلائل الظاهرات ما يعلم به أنه بعينه دون الناس هو خلف الحسن بن علي عليهما السلام.
قال بعضهم: ما الدليل على أن الحسن بن علي عليه السلام توفي؟
قيل له: الاخبار التي وردت في موته هي أوضح وأشهر وأكثر من الاخبار التي وردت في موت أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام لان أبا الحسن عليهما السلام مات في يد الأعداء ومات أبو محمد الحسن بن علي عليهما السلام في داره على فراشه، وجرى في أمره ما قد أوردت الخبر به مسندا في هذا الكتاب.
فقال قائل منهم: فهلا دلكم تنازع أم الحسن وجعفر في ميراثه أنه لم يكن له ولد؟ لأنا بمثل هذا نعرف من يموت ولا عقب له ان لا يظهر ولده ويقسم ميراثه بين ورثته؟
فقيل له: هذه العادة مستفيضة وذلك أن تدبير الله في أنبيائه ورسله وخلفائه ربما جرى على المعهود المعتاد وربما جرى بخلاف ذلك، فلا يحمل أمرهم في كل الأحوال على العادات كما لا يحمل أمر المسيح عليه السلام على العادات.
قال: فان جاز له أن يشك (1) في هذا لم لا يجوز أن نشك في كل من يموت ولا عقب له ظاهر.
قيل له: لا نشك في أن الحسن عليه السلام كان له خلف من عقبه بشهادة من أثبت له ولدا من فضلاء ولد الحسن والحسين عليهما السلام والشيعة الاخبار لان الشهادة التي يجب قبولها هي شهادة المثبت لا شهادة النافي وإن كان عدد النافين أكثر من عدد المثبتين، ووجدنا لهذا الباب فيما مضى مثالا وهو قصة موسى عليه السلام لان الله سبحانه لما أراد أن ينجي بني إسرائيل من العبودية ويصير دينه على يديه غضا طريا أوحى إلى أمه " فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين " (2) فلو أن أباه عمران مات في ذلك الوقت لما كان الحكم في ميراثه إلا كالحكم في ميراث