وان خصومنا ومخالفينا من أهل الأهواء المضلة قصدوا (1) لدفع الحق وعناده بما وقع من غيبة صاحب زماننا القائم عليه السلام واحتجابه عن أبصار المشاهدين ليلبسوا بذلك على من لم تكن معرفته متقنة (2) ولا بصيرته مستحكمة.
اثبات الغيبة والحكمة فيها:
فأقول - وبالله التوفيق -: إن الغيبة التي وقعت لصاحب زماننا عليه السلام قد لزمت حكمتها وبان حقها وفلجت حجتها للذي شاهدناه وعرفناه من آثار حكمة الله عز وجل واستقامة تدبيره في حججه المتقدمة في الاعصار السالفة مع أئمة الضلال وتظاهر الطواغيت واستعلاء الفراعنة في الحقب الخالية وما نحن بسبيله في زماننا هذا من تظاهر أئمة الكفر بمعونة أهل الإفك والعدوان والبهتان.
وذلك أن خصومنا طالبونا بوجود صاحب زماننا عليه السلام كوجود من تقدمه من الأئمة عليهم السلام فقالوا: إنه قد مضى على قولكم من عصر وفاة نبينا عليه السلام أحد عشر إماما كل منهم كان موجودا معروفا باسمه وشخصه بين الخاص والعام، فإن لم يوجد كذلك فقد فسد عليكم أمر من تقدم من أئمتكم كفساد أمر صاحب زمانكم هذا في عدمه وتعذر وجوده.
فأقول - وبالله التوفيق -: إن خصومنا قد جهلوا آثار حكمة الله تعالى وأغفلوا مواقع الحق ومناهج السبيل في مقامات حجج الله تعالى مع أئمة الضلال في دول الباطل في كل عصر وزمان إذ قد ثبت أن ظهور حجج الله تعالى في مقاماتهم في دول الباطل على سبيل الامكان والتدبير لأهل الزمان، فان كانت الحال ممكنة في استقامة تدبير الأولياء لوجود الحجة بين الخاص والعام كان ظهور الحجة كذلك وإن كانت الحال غير ممكنة من استقامة تدبير الأولياء لوجود الحجة بين الخاص والعام وكان استتاره مما توجبه الحكمة ويقتضيه التدبير حجبه الله وستره إلى وقت بلوغ الكتاب أجله،