قال: فهل ركنت إلى الدنيا فأحببت أن تأخذ من شهواتها ولذاتها؟ قال: بلى ربما عرض ذلك بقلبي، قال: فما كنت تصنع إذا كان ذلك؟ قال: أدخل إلى هذا الشعب فأعتبر بما فيه، قال: فدخل داود عليه السلام الشعب فإذا سرير من حديد عليه جمجمة بالية وعظام فانية وإذا لوح من حديد فيه كتابة فقرأها داود عليه السلام فإذا فيها أنا أروى بن سلم، ملكت ألف سنة، وبنيت ألف مدينة، وافتضضت ألف بكر، فكان آخر عمري أن صار التراب فراشي، والحجارة وسادتي، والديدان والحيات جيراني، فمن رآني فلا يغتر بالدنيا.
47.
(باب) * (حديث الدجال وما يتصل به من أمر القائم عليه السلام) * 1 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه قال: حدثنا عبد العزيز ابن يحيى الجلودي بالبصرة قال: حدثنا الحسين بن معاذ قال: حدثنا قيس بن حفص قال: حدثنا يونس بن أرقم، عن أبي سيار الشيباني، عن الضحاك بن مزاحم، عن النزال بن سبرة قال: خطبنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فحمد الله عز وجل وأثنى عليه وصلى على محمد وآله، ثم قال: سلوني أيها الناس قبل أن تفقدوني - ثلاثا - فقام إليه صعصعة بن صوحان فقال: يا أمير المؤمنين متى يخرج الدجال؟ فقال له علي عليه السلام: اقعد فقد سمع الله كلامك وعلم ما أردت، والله ما المسؤول عنه بأعلم من السائل، ولكن لذلك علامات وهيئات يتبع بعضها بعضا كحذو النعل بالنعل، وإن شئت أنبأتك بها؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين.
فقال عليه السلام: احفظ فان علامة ذلك: إذا أمات الناس الصلاة، وأضاعوا الأمانة واستحلوا الكذب، وأكلوا الربا، وأخذوا الرشا، وشيدوا البنيان، وباعوا الدين بالدنيا، واستعملوا السفهاء، وشاوروا النساء، وقطعوا الأرحام، واتبعوا الأهواء واستخفوا بالدماء، وكان الحلم ضعفا، والظلم فخرا، وكانت الامراء فجرة، والوزراء