من زعم أنه يجوز أن تكون في وقت واحد أئمة كثيرة، وقد اقتصر الله عز وجل على الواحد، ولو كانت الحكمة ما قالوه وعبروا عنه لم يقتصر الله عز وجل على الواحد، ودعوانا محاذ لدعواهم، ثم إن القرآن يرجح قولنا دون قولهم، والكلمتان إذا تقابلتا ثم رجح إحداهما على الأخرى بالقرآن، كان الرجحان أولى.
لزوم وجود الخليفة:
ولقوله عز وجل: " وإذ قال ربك للملائكة - الآية " في الخطاب الذي خاطب الله عز وجل به نبيه صلى الله عليه وآله لما قال: " ربك " من أصح الدليل على أنه سبحانه يستعمل هذا المعنى في أمته إلى يوم القيامة، فان الأرض لا تخلو من حجة له عليهم، ولولا ذلك لما كان لقوله: " ربك " حكمة وكان يجب أن يقول: " ربهم " وحكمة الله في السلف كحكمته في الخلف لا يختلف في مر الأيام وكر الأعوام، وذلك أنه عز وجل عدل حكيم لا يجمعه وأحد من خلقه نسب، جل الله عن ذلك.
وجوب عصمة الامام:
ولقوله عز وجل: " وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة - الآية " معنى، وهو أنه عز وجل لا يستخلف إلا من له نقاء السريرة ليبعد عن الخيانة لأنه لو اختار من لا نقاء له في السريرة كان قد خان خلقه لأنه لو أن دلالا قدم حمالا خائنا إلى تاجر فحمل له حملا فخان فيه كان الدلال خائنا، فكيف تجوز الخيانة على الله عز وجل وهو يقول - وقوله الحق -: " إن الله لا يهدي كيد الخائنين " (1) وأدب محمدا صلى الله عليه وآله بقوله عز وجل: " ولا تكن للخائنين خصيما " (2) فكيف وأنى يجوز أن يأتي ما ينهى عنه، وقد عير اليهود بسمة النفاق، وقال: " أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون " (3).