عليه السلام فإن الله عز وجل خلقه بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته وأسكنه جنته، وأكرمه بكرامة لم يكرم بها أحدا ثم ابتلاه بأعظم بلية كانت في الدنيا وذلك الخروج من الجنة وهي المصيبة التي لا جبر لها، ثم ابتلى إبراهيم عليه السلام من بعده بالحريق وابتلي ابنه بالذبح، ويعقوب بالحزن والبكاء، ويوسف بالرق، وأيوب بالسقم، ويحيى بالذبح، و زكريا بالقتل، وعيسى بالأسر (1) وخلقا من خلق الله كثيرا لا يحصيهم إلا الله عز وجل.
فلما فرغ من هذا الكلام قال لهم: انطلقوا فعزوا أم الإسكندروس لننظر كيف صبرها فإنها أعظم مصيبة في ابنها، فلما دخلوا عليها قالوا لها: هل حضرت الجمع اليوم وسمعت الكلام؟ قالت لهم: ما خفي عني من أمركم شئ ولا سقط عني من كلامكم شئ، وما كان فيكم أحد أعظم مصيبة بإسكندروس مني، ولقد صبرني الله تعالى وأرضاني وربط على قلبي، وإني لأرجو أن يكون أجري على قدر ذلك، وأرجو لكم من الاجر بقدر ما رزيتم من فقد أخيكم وأن تؤجروا على قدر ما نويتم في أمه وأرجو أن يغفر الله لي ولكم ويرحمني وإياكم، فلما رأوا حسن عزائها وصبرها انصرفوا عنها وتركوها، وانطلق ذو القرنين يسير على وجهه