ابن حماد، عن عبد الله بن سليمان وكان قارئا للكتب قال: قرأت في بعض كتب الله عز وجل إن ذا القرنين كان رجلا من أهل الإسكندرية وأمه عجوز من عجائزهم وليس لها ولد غيره يقال له: إسكندروس، وكان له أدب وخلق وعفة من وقت ما كان غلاما إلى أن بلغ رجلا، وكان [قد] رأى في المنام كأنه دنا من الشمس حتى أخذ بقرنيها في شرقها وغربها فلما قص رؤياه على قومه سموه ذا القرنين، فلما رأى هذه الرؤيا بعدت همته وعلا صوته وعز في قومه.
وكان أول ما اجتمع عليه أمره أن قال: أسلمت لله عز وجل، ثم دعا قومه إلى الاسلام فأسلموا هيبة له، ثم أمرهم أن يبنوا له مسجدا فأجابوه إلى ذلك فأمر أن يجعلوا طوله أربعمائة ذراع، وعرضه مائتي ذراع، وعرض حائطه اثنين وعشرين ذراعا، وعلوه إلى السماء مائة ذراع، فقالوا له: يا ذا القرنين كيف لك بخشب يبلغ ما بين الحائطين؟ فقال لهم: إذا فرغتم من بنيان الحائطين فاكبسوه بالتراب حتى يستوي الكبس مع حيطان المسجد فإذا فرغتم من ذلك فرضتم على كل رجل من المؤمنين على قدره (1) من الذهب والفضة، ثم قطعتموه مثل قلامة الظفر وخلطتموه مع ذلك الكبس وعملتم له خشبا من نحاس وصفائح من نحاس تذيبون ذلك وأنتم متمكنون من العمل كيف شئتم على أرض مستوية، فإذا فرغتم من ذلك دعوتم المساكين لنقل ذلك التراب، فيسارعون فيه من أجل ما فيه من الذهب والفضة.
فبنوا المسجد وأخرج المساكين ذلك التراب وقد استقل السقف بما فيه واستغنى، فجندهم أربعة أجناد في كل جند عشرة آلاف، ثم نشرهم في البلاد، وحدث نفسه بالمسير، واجتمع إليه قومه فقالوا له: يا ذا القرنين ننشدك بالله ألا تؤثر علينا بنفسك غيرنا، فنحن أحق برؤيتك وفينا كان