ومحمد بن جعفر في جماعة الطالبيين والهاشميين، والقواد حضور، فلما دخل الرضا عليه السلام قام المأمون وقام محمد بن جعفر وقام جميع بني هاشم، فما زالوا وقوفا والرضا عليه السلام جالس مع المأمون حتى أمرهم بالجلوس، فلم يزل المأمون مقبلا عليه يحدثه ساعة.
ثم التفت إلى جاثليق، فقال: يا جاثليق هذا ابن عمي علي بن موسى - ابن جعفر وهو من ولد فاطمة بنت نبينا، وابن علي بن أبي طالب عليهم السلام فأحب أن تكلمه وتحاجه وتنصفه، فقال الجاثليق، يا أمير المؤمنين كيف أحاج رجلا يحتج علي بكتاب أنا منكره ونبي لا أو من به. فقال له الرضا عليه السلام: يا نصراني فإن احتججت عليك بإنجيلك أتقر به؟! قال الجاثليق: وهل أقدر على دفع ما نطق به الإنجيل؟ نعم والله أقر به على رغم أنفي، فقال له الرضا عليه السلام: سل عما بدا لك وافهم الجواب، قال الجاثليق: ما تقول في نبوة عيسى عليه السلام وكتابه هل تنكر منهما شيئا؟ قال الرضا عليه السلام: أنا مقر بنبوة عيسى وكتابه وما بشر به أمته وأقر به الحواريون، وكافر بنبوة كل عيسى لم يقر بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم و بكتابه ولم يبشر به أمته، قال الجاثليق: أليس إنما تقطع الأحكام بشاهدي عدل؟
قال: بلى، قال: فأقم شاهدين من غير أهل ملتك على نبوة محمد ممن لا تنكره النصرانية وسلنا مثل ذلك من غير أهل ملتنا، قال الرضا عليه السلام: الآن جئت بالنصفة يا نصراني، ألا تقبل مني العدل المقدم عند المسيح عيسى بن مريم، قال الجاثليق:
ومن هذا العدل؟ سمه لي، قال: ما تقول في يوحنا الديلمي؟ قال: بخ بخ ذكرت أحب الناس إلى المسيح، قال: فأقسمت عليك هل نطق الإنجيل أن يوحنا قال: إن المسيح أخبرني بدين محمد العربي وبشرني به أنه يكون من بعده فبشرت به الحواريين فآمنوا به؟! قال الجاثليق: قد ذكر ذلك يوحنا عن المسيح وبشر بنبوة رجل وبأهل بيته ووصيه، ولم يلخص متى يكون ذلك ولم يسم لنا القوم فنعرفهم، قال الرضا عليه السلام: فأن جئناك بمن يقرء الإنجيل فتلا عليك ذكر محمد وأهل بيته وأمته أتؤمن به؟! قال: سديدا، قال الرضا عليه السلام لقسطاس الرومي: