(مسألة) (وإن جنى إنسان على نفسه أو طرفه خطأ فلا شئ له وعنه على عاقلته ديته لورثته ودية طرفه لنفسه) أما إذا كانت الجناية عمدا فلا شئ له إجماعا وإن كانت خطأ فكذلك في إحدي الروايتين قياسا على العمد ولما روي أن عامر بن الأكوع يوم خيبر رجع سيفه عليه فقتله ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى فيه بدية ولا غيرها ولو كانت واجبة لبينها النبي صلى الله عليه وسلم ولنقل ظاهرا (والرواية الثانية) أن ديته على عاقلته لورثته ودية طرفه لنفسه وهو ظاهر كلام الخرقي ذكره فيما إذا رمى ثلاثة بالمنجنيق فرجع الحجر فقتل أحدهم لما روي أن رجلا ساق حمارا فضربه بعصا كانت معه فطارت منها شظية فأصابت عينه ففقأتها فجعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ديته على عاقلته وقال هي يد من أيدي المسلمين لم يصبها اعتداء على أحد لم يعرف له مخالف ولأنه قتل خطأ فكانت ديته على عاقلته كما لو قتل غيره والأول أصح في القياس، وهذا قول أكثر أهل العلم منهم ربيعة ومالك والثوري والشافعي وأصحاب الرأي لما ذكرنا من حديث عامر بن الأكوع حين رجع سيفه عليه يوم خيبر فمات ولان وجوب الدية على العاقلة على خلاف الأصل مواساة للجاني وتخفيفا عنه وليس ههنا على الجاني شئ يخفف عنه ولا يقتضي النظر أن تكون جنايته على نفسه على غيره ويفارق هذا ما إذا كانت الجناية على غيره فإنه لو لم تحمله العاقلة لا * جحف به وجوب الدية لكثرتها وقال القاضي الرواية الثانية
(٤٩٦)