بدية الخطأ على العاقلة وأجمع أهل العلم على القول به ولان النبي صلى الله عليه وسلم جعل دية عمد الخطأ على العاقلة بما قد روينا من الحديث وفيه تنبيه على أن العاقلة تحمل دية الخطأ والحكمة في ذلك أن جنايات الخطأ تكثر ودية الآدمي كثيرة فإيجابها على الجاني في ماله يجحف به فاقتضت الحكمة إيجابها على العاقلة على سبيل المواساة للقاتل وللاعانة تخفيفا عنه إذا كان معذورا في فعله (فصل) فأما الكفارة ففي مال القاتل لا يدخلها تحمل وقال أصحاب الشافعي تكون في بيت المال في أحد الوجهين لأنها تكثر فإيجابها عليه يجحف به ولنا أنه كفارة فاختصت بمن وجد منه سببها كسائر الكفارات وكما لو كانت صوما ولان الكفارة شرعت للتكفير عن الجاني ولا يكفر عنه بفعل غيره وتفارق الدية فإنها إنما شرعت لجبر المحل وذلك يحصل بها كيفما كان ولان النبي صلى الله عليه وسلم لما قضى بالدية على العاقلة لم يكفر عن العاقلة، وما ذكروه لا أصل له، ولا يصح قياسه على الدية لوجوه (أحدها) أن الدية لم تجب في بيت المال إنما وجبت على العاقلة ولا يجوز أن يثبت حكم الفرع مخالفا لحكم الأصل (الثاني) أن الدية كثيرة فإيجابها على القاتل بجحف به والكفارة بخلافها (الثالث) أن الدية وجبت مواساة للقاتل وجعل حظ القاتل من الواجب الكفارة فإيجابها على غيره قطع للمواساة ويوجب على الجاني أكثر مما وجب عليه وهذا لا يجوز
(٤٨٤)