ويحتمل ان سبب الفرقة النفرة الحاصلة من إساءة كل واحد منهما إلى صاحبها فإن الرجل إن كان صادقا فقد أشاع فاحشتها وفضحها على رؤوس الاشهاد وإقامتها مقام خزي وحقق عليها الغضب وقطع نسب ولدها وإن كان كذبا فقد أضاف إلى ذلك بهتها وقذفها بهذه الفرقة العظيمة والمرأة ان كانت صادقة فقد أكذبته على رؤوس الاشهاد وأوجبت عليه لعنة الله وان كانت كاذبة فقد أفسدت فراشه وخانته في نفسها وألزمته اللعان والفضيحة وأحوجته إلى هذا المقام المخزي فحصل لكل واحد منهما نفرة من صاحبه لما حصل إليه من إساءة لا يكاد يلتئم لهما معها حال فاقتضت حكمة الشارع التزام الفرقة بينهما وإزالة الصحبة المتمحضة مفسدة ولأنه إن كان كاذبا عليها فلا ينبغي ان يسلط على امساكها مع ما صنع من القبيح إليها وإن كان صادقا فلا ينبغي ان يمسكها مع علمه بحالها ولهذا قال العجلاني كذبت عليها ان أمسكتها " مسألة " (الثالث: التحريم المؤبد وعنه انه ان أكذبت نفسه حلت له) ظاهر المذهب ان الملاعنة تحرم على الملاعن تحريما مؤبدا فلا تحل له وان اكذب نفسه ولا خلافا بين أهل العلم في أنه إذا لم يكذب نفسه انها لا تحل له الا أن يكون قولا شاذا فإن اكذب نفسه فالذي رواه الجماعة عن أحمد انها لا تحل له أيضا وجاءت الاخبار عن عمر وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم ان المتلاعنين لا يجتمعان ابدا وبه قال الحسن وعطاء وجابر بن زيد والنخعي والزهري
(٤٨)