وعلى قول ابن حامد، وإن أخرجها عمدا عالما أنها يساره وأنها لا تجزئ فلا ضمان على قاطعها ولا قود لأنه بذلها بإخراجه لها لا على سبيل العوض وقد يقوم الفعل في ذلك مقام النطق بدليل أنه لا فرق بين قوله خذ هذا فكله وبين استدعاء ذلك منه فيعطيه إياه ويفارق هذا ما إذا قطع يد إنسان وهو ساكت لأنه لم يوجد منه البذل وينظر في المقتص فإن فعل ذلك عالما بالحال عزر لأنه ممنوع منه لحق الله تعالى وهل يسقط القصاص في اليمنى؟ على وجهين (أحدهما) يسقط لأن قاطع اليسار تعدى بقطعها فلم يملك قطع اليد الأخرى كما لو قطع يد السارق اليسرى مكان يمينه فإنه لا يملك قطع يمينه (والوجه الثاني) لا يسقط وهو مذهب الشافعي وفرقوا بين القصاص وقطع السارق من وجوه ثلاثة (أحدها) أن الحد مبني على الاسقاط بخلاف القصاص (الثاني) أن اليسار لا تقطع في السرقة وإن عدمت يمينه لأنه يفوت منفعة الجنس بخلاف القصاص (الثالث) أن اليد لو سقطت بأكلة أو قصاص سقط القطع في السرقة فجاز أن يسقط بقطع اليسار بخلاف القصاص فإنه لا يسقط وينتقل إلى البدل ولكن لا تقطع يمينه حتى تندمل يساره لئلا يؤدي إلى ذهاب نفسه فإن قيل أليس لو قطع يمين رجل ويسار آخر لم يؤخر أحدهما إلى اندمال الآخر؟ قلنا الفرق بينهما أن القطعين مستحقان قصاصا فلهذا جمعنا بينهما وفي مسئلتنا أحدهما غير مستحق فلا نجمع بينهما فإذا اندملت اليسار قطعنا اليمين فإن سرى قطع اليسار إلى نفسه كانت هدرا ويجب في تركته دية اليمنى لتعذر الاستيفاء فيها بموته
(٤٤٦)