يدل على أن الحق المتروك يورث وهذا ليس بمتروك، وأما حق القصاص فإنه حق يجوز الاعتياض عنه وينتقل إلى امال بخلاف هذا، فاما ان طالب به ثم مات فإنه يرثه العصبات من النسب دون غيرهم لأنه حق ثبت لدفع العار فاختص به العصبات كولاية النكاح، وهذا أحد الوجوه لأصحاب الشافعي، ومتى ثبت للعصبات فلهم استيفاؤه، وان طلب أحدهم وحده فله استيفاؤه وان عفا بعضهم لم يسقط وكان للباقين استيفاؤه ولو بقي واحد كان له استيفاء جميعه لأنه حق يراد للردع والزجر فلم يتبعض كسائر الحدود ولا يسقط باسقاط البعض لأنه يراد لدفع العار عن المقذوف وكل واحد من العصبات يقوم مقامه في استيفائه فيثبت له جميعه كولاية النكاح، ويفارق حق القصاص لأن ذلك يفوت إلى بدل ولو أسقطناه ههنا لسقط في غير العافي إلى غير بدل.
(فصل) وإذا قذف امرأته وله بينة تشهد بزناها فهو مخير بين لعانها وبين إقامة البينة لأنهما سببان فكانت له الخيرة في إقامة أيهما شاء كمن له بدين شاهدان وشاهد وامرأتان ولان كل واحدة منهما يحصل بها ما لا يحصل بالا نرى فإنه يحصل باللعان نفي النسب الباطل ولا يحصل ذلك بالبينة ويحصل بالبينة ثبوت زناها وإقامة الحد عليها ولا يحصل باللعان، فإن لاعنها ونفى ولدها ثم أراد إقامة البينة فله ذلك فإذا أقامها ثبت موجب اللعان وموجب البينة، وان أقام البينة أو لا ثبت الزنا وموجبه ولم ينتف عنه الولد فإنه لا يلزم من الزنا كون الولد منه، وان أراد لعانها بعد ذلك وليس بينهما ولد يريد