وجملة ذلك أنه إذا جنى على إنسان فيما دون النفس جناية توجب القصاص كالإصبع فعفا عن القصاص ثم سرت الجناية إلى نفسه فمات لم يجب القصاص وبه قال أبو حنيفة والشافعي وحكي عن مالك ان القصاص يجب لأن الجناية صارت نفسا ولم يعف عنها ولنا أنه يتعذر استيفاء القصاص في النفس دون ما عفا عنه فسقط في النفس كما لو عفا بعض الأولياء ولان الجناية إذا لم يكن فيها قصاص مع امكانه لم يجب في سرايتها كما لو قطع يد مرتد فاسلم ثم مات منها ثم ينظر فإن كان عفا على مال فله الدية كاملة وان عفا على غير مال وجبت الدية إلا أرش الجرح الذي عفا عنه وبهذا قال الشافعي، وقال أبو حنيفة تجب الدية كاملة لأن الجناية صارت نفسا وحقه في النفس لا فيما عفا عنه وأنما سقط القصاص للشبهة، وان قال عفوت عن الجناية لم يجب شئ لأن الجناية لا تختص القطع وقال القاضي فيما إذا عفا عن القطع ظاهر كلام أحمد ال لا يجب شئ وبه قال أبو يوسف ومحمد لأنه قطع غير مضمون فكذلك سرايته ولنا أنها سراية جناية أوجبت الضمان فكانت مضمونة كما لو لم يعف وإنما سقطت دينها بعفوه عنها فيختص السقوط بما عفا عنه دون غيره والعفو عنه عشر الدية لأن الجناية أوجبته فإذا عفا سقط ما وجب دون ما لم يجب فإذا صارت نفسا وجب بالسراية ما لم يعف عنه ولم يسقط أرش الجرح إذا لم يعف وإنما تكملت الدية بالسراية
(٤١٨)