تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٢٩٧
وقيل: للشمس وهو بعيد فالليل لا يغطي الشمس وإنما يغطي الأرض وما عليها.
والتعبير عن غشيان الليل الأرض بالمضارع بخلاف تجلية النار لها حيث قيل: " والنهار إذا جلاها والليل إذا يغشاها " للدلالة على الحال ليكون فيه إيماء إلى غشيان الفجور الأرض في الزمن الحاضر الذي هو أوائل ظهور الدعوة الاسلامية لما تقدم أن بين هذه الأقسام وبين المقسم بها نوع اتصال وارتباط، هذا مضافا إلى رعاية الفواصل.
قوله تعالى: " والسماء وما بناها والأرض وما طحاها " طحو الأرض ودحوها بسطها، و " ما " في " وما بناها " و " ما طحاها " موصولة، والذي بناها وطحاها هو الله تعالى والتعبير عنه تعالى بما دون من لايثار الابهام المفيد للتفخيم والتعجيب فالمعنى وأقسم بالسماء والشئ القوي العجيب الذي بناها وأقسم بالأرض والشئ القوي العجيب الذي بسطها.
وقيل: ما مصدرية والمعنى وأقسم بالسماء وبنائها والأرض وطحوها، والسياق - وفيه قوله: " ونفس وما سواها فألهمها " الخ - لا يساعده.
قوله تعالى: " ونفس وما سواها " أي وأقسم بنفس والشئ ذي القدرة والعلم والحكمة الذي سواها ورتب خلقتها ونظم أعضاءها وعدل بين قواها.
وتنكير " نفس " قيل: للتنكير، وقيل: للتفخيم ولا يبعد أن يكون التنكير للإشارة إلى أن لها وصفا وأن لها نبأ.
والمراد بالنفس النفس الانسانية مطلقا وقيل: المراد بها نفس آدم عليه السلام ولا يلائمه السياق وخاصة قوله: " قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها " إلا بالاستخدام على أنه لا موجب للتخصيص.
قوله تعالى: " فألهمها فجورها وتقواها " الفجور - على ما ذكره الراغب - شق ستر الديانة فالنهي الإلهي عن فعل أو عن ترك حجاب مضروب دونه حائل بين الانسان وبينه واقتراف المنهي عنه شق للستر وخرق للحجاب.
والتقوى - على ما ذكره الراغب - جعل النفس في وقاية مما يخاف، والمراد بها بقرينة المقابلة في الآية بينها وبين الفجور التجنب عن الفجور والتحرز عن المنافي وقد فسرت في الرواية بأنها الورع عن محارم الله.
والالهام الالقاء في الروع وهو إفاضته تعالى الصور العملية من تصور أو تصديق على النفس.
(٢٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 ... » »»
الفهرست