تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٢٨٦
وذلك أنه لما اطمأن إلى ربه انقطع عن دعوى الاستقلال ورضي بما هو الحق من ربه فرأى ذاته وصفاته وأفعاله ملكا طلقا لربه فلم يرد فيما قدر وقضى ولا فيما أمر ونهى إلا ما أراده ربه، وهذا ظهور العبودية التامة في العبد ففي قوله: " فادخلي في عبادي " تقرير لمقام عبوديتها.
وفي قوله: " وادخلي جنتي " تعيين لمستقرها، وفي إضافة الجنة إلى ضمير التكلم تشريف خاص، ولا يوجد في كلامه تعالى إضافة الجنة إلى نفسه تعالى وتقدس إلا في هذه الآية.
(بحث روائي) في المجمع في قوله تعالى: " والشفع والوتر "، وقيل: الشفع الخلق لأنه قال:
وخلقناكم أزواجا " والوتر الله تعالى، عن عطية العوفي وأبي صالح وابن عباس ومجاهد وهي رواية أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقيل: الشفع والوتر الصلاة منها شفع ومنها وتر وهي رواية عن ابن حصين عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقيل الشفع يوم النحر والوتر يوم عرفة عن ابن عباس وعكرمة والضحاك، وهي رواية جابر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والوجه فيه أن يوم النحر يشفع بيوم نفر بعده ويتفرد يوم عرفة بالموقف، وقيل: الشفع يوم التروية والوتر يوم عرفة وروي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام.
أقول: الروايات الثلاث المشار إليها مروية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من طرق أهل السنة ويمكن الجمع بينها بأن المراد مطلق الشفع والوتر والروايات من قبيل الإشارة إلى بعض المصاديق.
وفي تفسير القمي " وليال عشر " قال: عشر ذي الحجة " والشفع والوتر " قال:
الشفع ركعتان والوتر ركعة، وفي حديث: الشفع الحسن والحسين والوتر أمير المؤمنين عليهم السلام " والليل إذا يسر " قال: هي ليلة جمع.
وفيه في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " لذي حجر " يقول " لذي عقل.
وفي العلل بإسناده إلى أبان الأحمر قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: " وفرعون ذي الأوتاد " لأي شئ سمي ذا الأوتاد؟ فقال: لأنه كان إذا عذب رجلا بسطه على الأرض على وجهه ومد يديه ورجليه فأوتدها بأربعة أوتاد في الأرض.
وربما بسطه على خشب منبسط فوتد رجليه ويديه بأربعة أوتاد ثم تركه على حاله حتى يموت فسماه الله عز وجل فرعون ذا الأوتاد.
(٢٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 ... » »»
الفهرست