تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٨ - الصفحة ٢٤٥
ينتقل به بمشاهدة بعض مخلوقاته إلى معنى مراد، ولا نمنع مقارنة ذلك بأصوات يوجدها الله تعالى في خارج أو سمع أو غير ذلك، وقد تقدم بعض الكلام في الكلام فيما تقدم.
وسيأتي منه تتمة في تفسير سورة الشورى أن شاء الله تعالى.
وكيف كان فقوله تعالى: " قال يا موسى إني اصطفيتك " الآية. وارد في مورد الامتنان وموعظة لموسى عليه السلام أن يكتفي بما اصطفاه الله به من رسالاته وكلامه ويشكره ولا يستزيد.
قوله تعالى: " وكتبنا له في الألواح من كل شئ موعظة وتفصيلا لكل شئ " الآية. اللوح صحيفة معدة للكتابة فيه لأنه يلوح ويظهر بما فيه من الخط وأصله من لاح البرق إذا لمع.
وقوله: " من كل شئ " من فيه للتبعيض كما يؤيده السياق اللاحق، وقوله:
" موعظة " الظاهر أنه بيان لكل شئ، ويعطف عليه قوله: " وتفصيلا لكل شئ " وتنكير قوله: " تفصيلا " لإفادة الابهام والتبعيض، ويؤول المعنى إلى مثل قولنا:
وكتبنا لموسى في الألواح وهي التوراة النازلة مختارات من كل شئ ونعني بذلك أنا كتبنا له موعظة وتفصيلا ما وتشريحا ما لكل شئ حسب ما يحتاج إليها قومه في الاعتقاد والعمل.
ففي الكلام دلالة على أن التوراة لم تستكمل جميع ما تمس به حاجة البشر من المعارف والشرائع، وهو كذلك كما يدل عليه أيضا قوله تعالى بعد ذكر التوراة والإنجيل " وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه " المائدة:
48، وقد تقدم تفسيره.
وقوله: " فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها " عطف تفريع على قوله:
" وكتبنا له في الألواح " الآية لأنه مشعر بمعنى القول، والتقدير: وقلنا إنا كتبنا لك في الألواح من كل شئ فخذها بقوة.
والاخذ بالقوة كناية عن الاخذ بالجد والحزم فإن من يجد ويحزم في أمر يستعمل ما عنده من القوة فيه حذرا أن يفوته فالأخذ بالقوة لازم الاخذ بالجد والحزم كنى به عنه.
وقوله: " وأمر قومك يأخذوا بأحسنها " الظاهر أن الضمير في " بأحسنها "
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»
الفهرست