فطرته لشبهة عرضت له كمن يضطر نفسه على الاعتياد بالسم وطبيعته تحذره بإلهامها، وهو يستحسن ما أبتلي به.
ثم إن أقدم ما نواجهه في البحث عن المعارف الإلهية أنا نذعن بانتهاء كل شئ إليه، وكينونته ووجوده منه فهو يملك كل شئ لعلمنا أنه لو لم يملكها لم يمكن أن يفيضها ويفيدها لغيره على أن بعض هذه الأشياء مما ليست حقيقته إلا مبنية على الحاجة منبئة عن النقيصة، وهو تعالى منزه عن كل حاجة ونقيصة لأنه الذي إليه يرجع كل شئ في رفع حاجته ونقيصته.
فله الملك - بكسر الميم وبضمها - على الاطلاق، فهو سبحانه يملك ما وجدناه في الوجود من صفة كمال كالحياة والقدرة والعلم والسمع والبصر والرزق والرحمة والعزة وغير ذلك.
فهو سبحانه حي، قادر، عليم، سميع، بصير لان في نفيها إثبات النقص ولا سبيل للنقص إليه، ورازق ورحيم وعزيز ومحي ومميت ومبدء ومعيد وباعث إلى غير ذلك لان الرزق والرحمة والعزة والاحياء والإماتة والابداء والإعادة والبعث له، وهو السبوح القدوس العلي الكبير المتعال إلى غير ذلك نعني بها نفى كل نعت عدمي وكل صفة نقص عنه.
فهذا طريقنا إلى إثبات الأسماء والصفات له تعالى على بساطته، وقد صدقنا كتاب الله في ذلك حيث أثبت الملك - بكسر الميم - والملك - بضم الميم - له على الاطلاق في آيات كثيرة لا حاجة إلى إيرادها.
2 - ما هو حد ما نصفه أو نسميه به من الأسماء؟ تبين من الفصل الأول أنا ننفي عنه جهات النقص والحاجة التي نجدها فيما نشاهده من أجزاء العالم، وهي تقابل الكمال كالموت والفقد والفقر والذلة والعجز والجهل ونحو ذلك، ومعلوم أن نفي هذه الأمور، وهي في نفسها سلبية يرجع إلى إثبات الكمال فإن في نفي الفقر إثبات الغنى، وفي نفي الذلة والعجز والجهل إثبات العزة والقدرة والعلم وهكذا.
وأما صفات الكمال التي نثبتها له سبحانه كالحياة والقدرة والعلم ونحو ذلك فقد عرفت أنا نثبتها بالاذعان بملكه جميع الكمالات المثبتة في دار الوجود غير أنا ننفي عنه