عباد الله واستذلالهم والتغلب عليهم، وهذا لا يكون إلا بغير الحق.
وقوله: " وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها " عطف على قوله: " يتكبرون " وبيان لاحد أوصافهم وهو الاصرار على الكفر والتكذيب.
وكذا قوله: " وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا " الآية وتكرار الجملتين المثبتة والمنفية بجميع خصوصياتهما للدلالة على اعتنائهم الشديد ومراقبتهم الدقيقة على مخالفة سبيل الرشد واتباع سبيل الغي بحيث لا يعذرون بخطاء ولا يحتمل في حقهم جهل أو اشتباه.
وقوله: " ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا " إلى آخر الآية تعليل لما تحقق فيهم من رذائل الصفات أي إنما جروا على ما جروا بسبب تكذيبهم لآياتنا وغفلتهم عنها، ومن المحتمل أن يكون تعليلا لقوله تعالى: " سأصرف عن آياتي ".
قوله تعالى: " والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة حبطت أعمالهم هل يجزون إلا ما كانوا يعملون " معنى الآية ظاهر ويتحصل منها:
أولا: أن الجزاء هو نفس العمل وقد تقدم توضيحه كرارا في أبحاثنا السبقة.
وثانيا: أن الحبط من الجزاء فإن الجزاء بالعمل وإذا كان العمل حابط فإحباطه هو الجزاء، والحبط إنما يتعلق بالاعمال التي فيها جهة حسن فتكون نتيجة إحباط الحسنات ممن له حسنات وسيئات أن يجزى بسيئاته جزاء سيئا وجزى بحسناته بإحباطها فيتمحض له الجزاء السيئ.
ويمكن أن تنزل الآية لي معنى آخر وهو أن يكون المراد بالجزاء، الجزاء الحسن وقوله: " هل يجزون إلا ما كانوا يعملون " كناية عن أنهم لا يثابون بشئ إذ لا عمل من الأعمال الصالحة عندهم لمكان الحبط قال تعالى: " وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء نثورا " الفرقان: 23، والدليل على كون المراد بالجزاء هو الثواب أن هذا اجزاء هو جزاء الأعمال المذكورة في الآية قبلا، والمراد بها بقرينة ذكر الحبط هي الأعمال الصالحة.
ومن هنا يظهر فساد ما استدل به بعضهم بالآية على أن تارك الواجب من غير أن يشتغل بضده لا عقاب له لأنه لم يعمل عملا حتى يعاقب عليه وقد قال تعالى: " هل يجزون