تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٨ - الصفحة ٢٤٨
إلا ما كانوا يعملون ".
وجه الفساد إن المراد بالجزاء في الآية الثواب والمعنى أنهم لا ثواب لهم في الآخرة لانهم لم يأتوا بحسنة ولم يعملوا عملا يثابون عليها.
على أن ثبوت العقاب على مجرد ترك الأوامر الإلهية مع الغض عما يشتغل به من الأعمال المضادة كالضروري من كلامه تعالى قال الله عز وجل: " ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم " الجن: 23، إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى: " واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار " إلى آخر الآية، الحلي على فعول جمع حلي كالثدي جمع ثدي، وهو ما يتحلى ويتزين به من ذهب أو فضة أو نحوهما، والعجل ولد البقرة، والخوار صوت البقرة خاصة، وفي قوله تعالى: " جسدا له خوار " - وهو بيان للعجل - دلالة على أنه كان غير ذي حياة وإنما وجدوا عنده خوارا كخوار البقر.
والآية وما بعده تذكر قصة عبادة بني إسرائيل العجل بعد ما ذهب موسى إلى ميقات ربه واستبطؤا رجوعه إليهم، فكادهم السامري وأخذ من حليهم فصاغ لهم عجلا من ذهب له خوار كخوار العجل وذكر لهم أنه إلههم وإله موسى فسجدوا له واتخذوه إلها، وقد فصل الله سبحانه القصة في سورة طه تفصيلا، والذي ذكره في هذه الآيات من هذه السورة لا يستغني عما هناك، وهو يؤيد نزول سورة طه قبل سورة الأعراف.
وكيف كان فقوله: " واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا " معناه اتخذ قوم موسى من بعد ذهابه لميقات ربه قبل أن يرجع - فإنه سيذكر رجوعه إليهم غضبان - عجلا فعبدوه، وكان هذا العجل الذي اتخذوه " جسدا له خوا " ر ثم ذمهم الله سبحانه بأنهم لم يعبؤوا بما هو ظاهر جلي بين عند العقل في أول نظرته انه لو كان هو الله سبحانه لكلمهم ولهداهم السبيل فقال تعالى: " أ لم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا ".
وأنما ذكر من صفاته المنافية للألوهية عدم تكليمه إياهم وعدم هدايته لهم وسكت عن سائر ما فيه كالجسمية وكونه مصنوعا ومحدودا ذا مكان وزمان وشكل
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»
الفهرست