تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٨ - الصفحة ١٦٢
غير مجهول، والاقرار به إيمان، والجحود به كفر.
فهذا نحو سلوكهم في ذلك لم يورث منهم شئ إلا ما يوجد في كلام الإمام علي بن أبي طالب والأئمة من ولده بعده عليهم السلام ونحن نورد بعض ما عثرنا عليه في كلامهم.
ففي التوحيد بإسناده عن سلمان الفارسي فيما أجاب به علي عليه السلام الجاثليق:
فقال علي عليه السلام: إن الملائكة تحمل العرش، وليس العرش كما تظن كهيئة السرير ولكنه شئ محدود مخلوق مدبر وربك مالكه لا أنه عليه ككون الشئ على الشئ الخبر.
وفي الكافي عن البرقي رفعه قال: سأل الجاثليق عليا عليه السلام فقال: أخبرني عن الله عز وجل يحمل العرش أو العرش يحمله؟ فقال عليه السلام: الله عز وجل حامل العرش والسماوات والأرض وما فيهما وما بينهما، وذلك قول الله عز وجل: " إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا ".
قال: فأخبرني عن قوله: " ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية " فكيف ذاك وقلت: إنه يحمل العرش والسماوات والأرض؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: إن العرش خلقه الله تبارك وتعالى من أنوار أربعة: نور أحمر منه احمرت الحمرة، ونور أخضر منه اخضرت الخضرة، ونور أصفر منه اصفرت الصفرة، ونور أبيض منه ابيض البياض.
وهو العلم الذي حمله الله الحملة، وذلك نور من نور عظمته فبعظمته ونوره أبصر قلوب المؤمنين، وبعظمته ونوره عاداه الجاهلون، وبعظمته ونوره ابتغى من في السماوات والأرض من جميع خلائقه إليه الوسيلة بالاعمال المختلفة والأديان المتشتتة فكل شي ء محمول يحمله الله بنوره وعظمته وقدرته لا يستطيع لنفسه ضرا ولا نفعا - ولا موتا ولا حياة ولا نشورا فكل شئ محمول، والله تبارك وتعالى الممسك لهما أن تزولا، والمحيط بهما من شئ، وهو حياة كل شئ ونور كل شئ سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا.
قال له: فأخبرني عن الله أين هو؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: هو هيهنا وهيهنا وفوق وتحت ومحيط بنا ومعنا، وهو قوله: " ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا " فالكرسي محيط بالسماوات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى، وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى، وذلك قوله: " وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم ".
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»
الفهرست