(لعدم لزومها) لا حاجة إليه إذ جهالة عين المشاع لا تمنع في اللزوم أيضا ولذا جاز بيعه مع أن البيع لازم.
والحاصل: أن إعارة المشاع تصح كيفما كان أي في الذي يحتمل القسمة أو لا يحتملها من شريك أو أجنبي، وكذا إعارة الشئ من اثنين أجمل أو فصل بالتنصيف أو بالأثلاث كما في القنية. قوله:
(وقالوا علف الدابة على المستعير) لان نفعه له فنفقته عليه. قوله: (وكذا نفقة العبد) أي مطلقة كانت أو مؤقتة كما في المنح. قوله: أما كسوته فعلى المعير لان العارية غير لازمة، وللمعير الرجوع عنها في كل حين فكان زمنها غير مستطيل عادة، والكسوة تكون في الزمان المستطيل، ألا يرى أنه شرط في ثوب الكسوة في كفارة اليمين أن يمكن بقاؤه ثلاثة أشهر فصاعدا، والمنافع تحدث في كل آن وتتجدد في آن غير آن، وبقاؤه غير لازم وإن ذكر لها مدة، فلو لزمت العارية بقدرها لخرجت عن موضوعها، ولو صح رجوعه لتضرر المستعير بذهاب كسوته من غير حصول انتفاعه. قوله:
(وهذا) يعني إنما يكون تمليك منافع العبد عارية، ونفقته على المستعير لو قال له أعطني عبدك ليخدمني أو أعرني عبدك، أما لو قال المالك خذه واستخدمه كان إيداعا مأذونا بالانتفاع به، والعبد وديعة فنفقته على المودع كما في الهندية والبزازية وغيرهما. قوله: (لأنه وديعة) الأقرب أنه إباحة للانتفاع، إذ لو كان وديعة لما جاز له الانتفاع بها. أو يقال إنها وديعة أباح له المالك الانتفاع بها.
وفي الهندية عن القنية: دفعت لك هذا الحمار لتستعمله وتعلفه من عندك عارية ا ه. قوله (لأنه صريح) أي حقيقة.
قال قاضي زاده: الصريح عند علماء الأصول ما انكشف المراد منه في نفسه فيتناول الحقيقة الغير المهجورة والمجاز المتعارف ا ه. فالأول أعرتك والثاني أطعمتك أرضي. قوله: (أي غلتها) قال في البحر: لان الاطعام إذا أضيف إلى ما لا يؤكل عينه يراد به ما يستغل منه مجازا لأنه محله ا ه. ولو قال أطعمتك هذا الجزور فهو عارية إلا أن يريد الهبة. هندية. وهذا يفيد تقييد الأرض بما إذا كان فيها غلة وإلا فلا صحة لهذا التركيب. وفيه أن المراد أنه أعارها له ليزرعها، فإنه إذا عبر بالاطعام اختصت عاريتها بالانتفاع بزراعتها فلا يبني ولا يغرس كما سيأتي آخر الكتاب، فقوله أي غلتها أي إنك تزرعها وتستغلها. قوله: (لأنه صريح مجازا الخ) عبارة العيني والدرر: لان الاطعام إذا أضيف إلى ما لا يطعم كالأرض يراد به غلتها إطلاقا لاسم المحل على الحال.
وحاصله: أن الصريح ما لا يحتمل غيره، وهو يكون حقيقة ومجازا لان المعتبر فيه قرينة مانعة من المعنى الحقيقي فلذلك كان صريحا لا يحتمل غيره، بخلاف الكناية فإنها لا يعتبر معها قرينة قوله:
(ومنحتك) أصله أن يعطي الرجل ناقة أو شاة ليشرب لبنها ثم يردها إذا ذهب درها ثم كثر ذلك، حتى قيل في كل من أعطى شيئا منحتك، وإذا أراد به الهبة أفاد ملك العين وإلا بقي على أصل وضعه