يكون المستعار مما يمكن الانتفاع به بدون استهلاكه، فإن لم يكن فلا تصح إعارة. كذا في البدائع.
قال الحاكم الشهيد في الكافي: وعارية الدراهم والدنانير والفلوس قرض، وكذلك كل ما يكال أو يوزن أو يعد عدا مثل الجوز والبيض وكذلك الأقطان والصوف والإبريسم والكافور وسائر متاع العطر، والصنادلة التي لا تقع الإجارة على منافعها قرض وهذا إذا أطلق العارية، أما إذا بين الجهة كما إذا استعار الدراهم أو الدنانير ليعاير بها ميزانا أو يزين بها دكانا أو يتجمل بها أو غير ذلك مما لا ينقلب به عينه لا يكون قرضا بل يكون عارية تملك بها المنفعة المسماة دون غيرها، ولا يجوز له الانتفاع بها على وجه آخر غير ما سماه. كذا في غاية البيان.
إذا استعار آنية يتجمل بها أو سيفا محلى أو سكينا محلى أو منطقة مفضضة، أو خاتما لم يكن شئ من هذا قرضا هكذا في الكافي.
ولو قال لآخر أعرتك هذه القصعة من الثريد فأخذها وأكلها عليه مثلها أو قيمتها وهو قرض، إلا إذا كان بينهما مباسطة حتى يكون ذلك دلالة الإباحة. كذا في الخلاصة.
ويأتي في كلام الشارح في أثناء الكتاب عن الصيرفية في العيون: استعار من آخر رقعة يرقع بها قميصه أو خشبة يدخلها في بنائه أو آجرة فهو ضامن لان هذا ليس بعارية بل هو قرض، وهذا إذا لم يقل لأردها عليك، أما إذا قال لأردها عليك فهو عارية. كذا في المحيط انتهى. قوله: (لأنها تصير إجارة) الأولى لأنها تصير به إجارة، وقد نصوا أن الإجارة تنعقد بلفظ الإعارة. قوله: (وصرح في العمادية الخ) أشار إلى إيراد وجواب، وهو أن العارية إذا كانت تمليك المنفعة فكيف يصح إعارة المشاع فإنه مجهول العين، فأشار إلى الجواب بأن الجهالة المانعة من التمليك الجهالة المفضية إلى المنازعة وجهالة العين لا تفضي إليه، ولذا جاز بيع المشاع وإيداعه.
وقد نقل في البحر أن الذي لا يضر في العارية جهالة المنافع. أما جهالة العين فمضرة إذا كانت تفضي إلى المنازعة، لما في الخلاصة: لو استعار من آخر حمارا فقال ذلك الرجل لي حماران في الاصطبل فخذ أحدهما واذهب فأخذ أحدهما وذهب به يضمن إذا هلك ا ه. وقدمنا تمامه قريبا.
وفي العناية من الهبة: وعقد التمليك يصح في المشاع وغيره كالبيع بأنواعه: يعني الصحيح والفاسد والصرف والسلم، فإن الشيوع لا يمنع تمام القبض في هذه العقود بالاجماع. قوله: (وبيعه) وكذا إقراضه كما مر، وكذا إيجاره من الشريك لا الأجنبي، وكذا وقفه عند أبي يوسف خلافا لمحمد فيما يحتمل القسمة، وإلا فجائز اتفاقا وأفتى الكثير بقول محمد، واختار مشايخ بلخ قول أبي يوسف.
وأما وديعته فجائزة وتكون مع الشريك. وأما قرضه فجائز كما إذا دفع إليه ألفا وقال خمسمائة قرض وخمسمائة شركة. كذا في النهاية هنا. وأما غصبه فمتصور. قال البزازي: وعليه الفتوى، وذكر له في الفصول صورا: وأما صدقته فكهبته فإنها لا تجوز في مشاع يقسم إلا إذا تصدق بالكل على اثنين فإنه يجوز على الأصح. وتمامه في أوائل هبة البحر، ويأتي إن شاء الله تعالى. قوله: (لا تفضي للجهالة) كذا في بعض النسخ وفي بعضها للمنازعة وهي أولى. وفي المقدسي ما يفيد رد هذا التعليل حيث قال:
وشرطها تعيين المستعار، حتى لو قال لي حماران في الاصطبل إلى آخر ما قدمناه عن الخلاصة قوله: