وجعله عارية أحد قولين. وقيل لا يكون عارية وظاهر الهندية اعتماده، ومثله في البحر عن الخانية:
أي بل إجارة فاسدة، وقد قيل بخلافه. تتارخانية. وينبغي هذا لأنه إذا لم يصرح بالمدة ولا بالعوض فأولى أن يكون إعارة من جعله إعارة مع التصريح بالمدة دون العوض. كذا أفاده شيخ سيدي الوالد رحمه الله تعالى.
ونقل الرملي في حاشية البحر عن إجارة البزازية: لا تنعقد الإعارة بالإجارة، حتى لو قال أجرتك منافعها سنة بلا عوض تكون إجارة فاسدة لا عارية اه. فتأمله مع هذا، وسيأتي في أول الإجارة اه. قوله: (وداري لك إلخ) لان قوله داري لك وإن كان لتمليك العين ظاهرا فهل يحتمل تمليك المنفعة، وقوله سكني محكم في العارية فحملنا المحتمل على المحكم. حموي. قوله: (تمييز) أي عن النسبة إلى المخاطب: أي ملكتها لك سكنى، وهذا أولى مما في المغرب والقهستاني من أنه حال.
نعم يجوز أن يكون خبرا ولك متعلق به أو بالنسبة بين المبتدأ والخبر كما في قوله تعالى: * (إن الدين عند الله الاسلام) * (آل عمران: 91) حموي عن الحفيد على صدر الشريعة. قوله: (أي بطريق السكنى) أي نسبة داري له بطريق سكناها لا تمليك عينها وهو حقيقة العارية. قوله: (مفعول مطلق) أو ظرف:
أي مدة عمرك. قهستاني: وهو ما أشار إليه الشارح بعد، وهو وجه آخر لكنه مزج احتمالا باحتمال.
قوله: (تمييزه) أي تمييز عمري. قال الزيلعي: لان قوله داري لك يحتمل أن يكون له رقبتها، ويحتمل أن يكون له منفعتها، ولو قال هي لك لتسكنها كان تمليكا للدار لأنه أضاف التمليك إلى رقبة الدار، وقوله لتسكنها مشورة فلا يتغير به قضية العقد اه. إتقاني. قوله: (يرجع المعير متى شاء) لقوله عليه الصلاة والسلام: المنحة مردودة والعارية مؤداة ووجه الاستدلال ظاهر، وفيه تعميم بعد التخصيص، لما عرف أن المنحة عارية خاصة عناية، ولأن المنافع تحدث شيئا فشيئا ويثبت الملك فيها بحسب حدوثها فرجوعه امتناع عن تمليك ما لم يحدث وله ذلك. زيلعي. قوله: (ولو مؤقتة) لكن يكره قبل تمام الوقت لان فيه خلف الوعد. ابن كمال.
أقول: من هنا تعلم أن خلف الوعد مكروه لا حرام. وفي الذخيرة: يكره تنزيها لأنه خلف الوعد. ويستحب الوفاء بالعهد لكن استظهر العلامة أبو السعود كراهة التحريم، ووفق شيخه بحمل ما في الذخيرة ومن نحا نحوها بأن الكراهة للتنزيه على ما إذا وعد وكان من نيته الوفاء ثم طرأ الخلف فلا مخالفة اه.
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى: لا يلزم الوفاء بالوعد شرعا، والمسألة في الأشباه من الحظر والإباحة وتفصيلها في حواشيه.
قال في الهندية: وأما أنواعها فأربعة:
أحدها: أن تكون مطلقة في الوقت والانتفاع. وحكمه أن للمستعير أن ينتفع بها بأي نوع شاء وأي وقت شاء.
والثاني: أن تكون مقيدة فيهما، فلا يتجاوز ما سماه المعير إلا إذا كان خلافا إلى خير.