جرح رجلا عمدا فصالحه لا يخلو: إما إن برئ أو مات منها، فإن صالحه من الجراحة أو من الضربة أو من الشجة أو من القطع أو من اليد أو من الجناية لا غير جاز الصلح إن برئ بحيث بقي له أثر وإن برئ بحيث لم يبق له أثر بطل الصلح، فأما إذا مات من ذلك بطل الصلح عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى ووجبت الدية خلافا لهما، وإن صالحه عن الأشياء الخمسة ومات يحدث منها فالصلح جائز إن مات منها، وأما إذا برئ منها ذكر هاهنا أن الصلح جائز. وذكر في الوكالة لو أن رجلا شج رجلا موضحة فوكل إنسانا ليصالح عن الشجة وما يحدث منها إلى النفس: فإن مات كان الصلح من النفس.
وإن برئ يجب تسعة أعشار المال ونصف عشره ويسلم للمشجوج نصف عشر المال. وقال عامة مشايخنا اختلفا لاختلاف الوضع، فإن الوضع ثمة أنه صالح عن الجراحة وعما يحدث منها إلى النفس وهو معلوم فأمكن قسمة البدل على القائم والحادث جميعا، وها هنا صالحه عن الجراحة، وكل ما يحدث منها وهو مجهول قد يحدث وقد لا يحدث، وإذا حدث لا يدري أي قدر يحدث فتعذر قسمة البدل على القائم والحادث فصار البدل كله بإزاء القائم، وأما إذا صالحه عن الجناية يجوز الصلح في الفصول كلها إلا إذا برئ بحيث لم يبق له أثر. كذا في محيط السرخسي.
رجل قتل عمدا وله ابنان فصالح أحدهما عن حصته على مائة درهم فهو جائز ولا شركة لأخيه فيها، ولو كان القتل خطأ فصالحه أحدهما على مال كان لشريكه أن يشاركه في ذلك إلا أن يشاء المصالح أن يعطيه ربع الأرش. هكذا في المبسوط.
في المنتقى عن ابن سماعة عن أبي يوسف رحمه الله قال في رجل قطع يمين رجل فصالحه المقطوع يده على أن يقطع يسار القاطع فقطعه فهذا عفو عن الأول، ولا شئ على قاطع اليسار ولا شئ له على قاطع اليمين، وإن اختصما قبل أن يقطع يساره وقد صالحه على ذلك فليس له أن يقطع يساره ولكن رجع بدية يمينه، وإن صالحه على أن يقطع يد القاطع ورجله أو على أن يقتل عبد القاتل، إن قطع يده ورجله رجع عليه بدية رجله، وإن قتل عبده فله عليه قيمة عبده مقاصة منها بدية يده ويترادان الفضل. ولو صالح على أن يقطع يد هذا الحر أو على أن يقتل عبد فلان ففعل يغرم دية الحر الآخر وقيمة عبده ويرجع المقطوع يده على القاطع بدية يده. كذا في محيط السرخسي.
إذا كان في الديوان عطاء مكتوب باسم رجل فنازعه فيه آخر وادعى أنه له فصالحه المدعى عليه على دراهم أو دنانير حالة أو إلى أجل فالصلح باطل، وكذلك لو صالحه على شئ بعينه فهو باطل، كذا في المبسوط.
له عطاء في الديوان مات عن ابنين فاصطلحا على أن يكتب في الديوان باسم أحدهما ويأخذ العطاء والآخر لا شئ له من العطاء ويبذله من كان له العطاء مالا معلوما فالصلح باطل، ويرد بدل الصلح والعطاء للذي جعل الامام العطاء له. كذا في الوجيز للكردي.
مطلب: لا يصح صلح وكيل الخصومة الوكيل بالخصومة إذا صالح لا يصح، بخلاف ما إذا أمر. كذا في متفرقات الذخيرة.
لا يجوز التصرف في بدل الصلح قبل الصلح إذا كان منقولا، فلا يجوز للمدعي بيعه وهبته ونحو ذلك، فإن كان عقارا يجوز عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى.