قلت: بقي عليه وصي الام في تركتها ووصيه والأخ. قال في المبسوط: وصلح وصي الام والأخ مثل صلح وصي الأب في غير العقار، فيبلغ أضعاف ذلك كما في شرح الوهبانية لابن الشحنة، وتمامه فيه. قوله: (وصح على الابراء عن كل عائب) الضمير في صح يعود إلى الصلح:
يعني جاز الصلح عن البراءة من كل عيب، لان الابراء عن العيب بلا بدل صحيح فكذلك معه، كما لو سمي عيبا معلوما لأنه إسقاط الحق. ولو قال اشتريت منك العيوب بكذا لم يصح ط. وهذا البيت للعلامة عبد البر ذكره بعد أبيات بعد البيت الأول. قوله: (ولو زال عيب) أي لو صالحه على عيب في المبيع ودفع له بدلا عن الصلح ثم زال العيب بطل الصلح ويسترد البدل ويسقط عنه إن لم يكن دفعه لعود السلامة، وكذا كل عيب زال كطلاق المشتراة، أو لم يوجد يرد بدله كعدم الحبل، وكما لو ظهر الدين على غير المصالح يرد بدله كما في الشرنبلالية. قوله: (ومن قال) أي لو ادعى عليه شيئا فأنكر فقال له إن تحلف على عدم ثبوت هذا الحق عليك فأنت برئ منه لم تجز هذه البراءة لعدم جواز تعليقها بالشرط، فإن كان حلف عند غير القاضي له أن يحلفه عند القاضي، ولو أقام بينة قبلت، وإن عجز أعاد اليمين عليه. قوله: (ولو مدع) لو للوصل: أي لو قال للمدعي إن حلفت على ما تدعيه فهو لك فحلف لا يستحق المدعي. قوله: (كالأجنبي) خبر لمبتدأ محذوف: أي وما ذكر من المدعى عليه والمدعي كالأجنبي حال كونه يصور: أي لو قال له إن حلف فلان الأجنبي فلك ما تدعيه أو أنت برئ مما ادعى عليك فحلف الأجنبي لا يبرأ.
والحاصل: أنه اشتمل هذا البيت على ثلاث مسائل من قاضيخان.
الأولى: اصطلحا على أنه إن حلف المدعى عليه فهو برئ فحلف أن ماله قبله شئ فالصلح باطل.
الثانية: اصطلحا على أنه إن حلف المدعي على دعواه فالمدعى عليه يكون ضامنا لما يدعي فالصلح باطل، فلا يجب المال على المدعى عليه.
الثالثة: اصطلحا على أنه إن حلف فلان وهو غير الطالب فالمال على المدعى عليه كان باطلا فلا يلزمه المال، وهي المفادة بقوله كالأجنبي، وهذه المسائل تقدمت في كتاب الدعوى.
خاتمة: نسأل الله حسنها. وفي البحر عن مجموع النوازل: وقع بين امرأة وزوجها مشاجرة فتوسط المتوسطون بينهما للصلح فقالت لا أصالحه حتى يعطيني خمسين درهما يحل لها ذلك، لان لها عليه حقا من المهر وغيره ا ه. قال الحموي نقلا عن المقدسي: قلت: هذه دعوى لا دليل عليها فقد يكون لا شئ لها وتطلب ذلك ا ه.
وأقول: ما ذكره في مجموع النوازل من أنه يحل لها الاخذ مفروض فيما إذا وافقها الزوج بأن أعطاها ما طلبت بطريق الصلح، وحينئذ لا يتوقف الاخذ على أن يكون لها شئ عليه إذ ليس هو بأدنى مما سبق التصريح به من أن الصلح يجوز ولو عن إنكار، وقدمنا عن الزيلعي التصريح بأنه يحل للمدعي أخذه لأنه في زعمه عين حقه أو بدله وإن كان المدعى عليه يزعم أنه لا شئ عليه، ومع هذا حل له الدفع أيضا للشر عن نفسه، وحينئذ فقوله لان لها عليه حقا من المهر إنما ذكره تحسينا للظن بها، لا لأنه شرط لجواز الصلح. أبو السعود.