غير معلوم فيجب أجر المثل بالغا ما بلغ، وقد يجاب بأن هذا العقد لما كان فاسدا كان ما سمى فيه محظورا فقطع النظر عما هو موجب المضاربة وعول على ما عين معه على أنه أجر مثل في إجارة لا موجب مضاربة، ولهذا قالوا: هذه إجارة في صورة مضاربة. حموي عن المقدسي.
قلت: ما بحثه المقدسي صرح به القهستاني معزيا للفصولين، ونصه بعد أن حكى الخلاف عن الصاحبين في أن أجر المثل هل يجب بالغا ما بلغ أو لا يجاوز به المشروط؟ قال: والخلاف فيما إذا ربح، وأما إذا لم يربح فأجر المثل بالغا ما بلغ لأنه لا يمكن تقديره الخ، وحينئذ لا حاجة إلى تكلف الجواب، ولا ينافي كلام القهستاني ما سيأتي في الشارح من قوله: وعن أبي يوسف إن لم يربح فلا أجر له، لأنه ذكره بلفظ عن فلا ينافي كون المذهب عنده استحقاق الاجر له بالغا ما بلغ.
بقي أن يقال: ظاهر كلام المقدسي أن المسمى للمضارب من الربح إذا كان جزءا شائعا كالنصف يقال إنه معلوم، وهو مخالف لما في الشمني حيث قال: فإن كان المسمى معلوما لا يزاد عليه، وإن كان مجهولا كدابة أو ثوب يجب بالغا ما بلغ، وإن كان معلوما من وجه دون وجه كالجزء الشائع مثل النصف والربع: فعند محمد يجب بالغا ما بلغ لأنه مجهول إذ يكثر بكثرة ما يحصل وينقص بقلته.
وعندهما: لا يزاد على المسمى لأنه معلوم من جملة ما يحصل بعمله ا ه. أبو السعود. وإنما تكون إجارة فاسدة إذا فسدت إن لم يبين مدة معلومة. أما لو بينها ينبغي أن يكون أجيرا خاصا فيستحق بتسليم نفسه في المدة كما هو حكم الأجير الخاص، وليراجع. قوله: (وكون نصيب كل منهما معلوما عند العقد) لان الربح هو المعقود عليه وجهالته توجب فساد العقد ا ه. درر. قوله: (فسدت) لأنهما شرطان لا يقتضيهما العقد. قال في التتارخانية: وما لا يوجب شيئا من ذلك لا يوجب فساد المضاربة نحو أن يشترطا أن تكون الوضيعة عليهما.
وفي الفتاوى العتابية: ولو قال إن الربح والوضيعة بيننا لم يجز، وكذا لو شرطا الوضيعة أو بعضها على المضارب فسدت. وذكر الكرخي: أن الشرط باطل، وتصح المضاربة إذا شرط فيه نصف الربح.
وفي الذخيرة: ذكر شيخ الاسلام في أول المضاربة أن المضاربة لا تفسد بالشروط الفاسدة. وإذا شرط للمضارب ربح عشرة فسدت لأنه شرط فاسد لأنه شرط تنتفي به الشركة في الربح ا ه. قوله:
(يوجب جهالة في الربح) كما إذا شرط له نصف الربح أو ثلثه أو ربعه بأو الترديدية حلبي: يعني ذكر مجموع الثلاثة بطريق الترديد لاقتضاء الترديد جهالة الربح. قوله: (أو يقطع الشركة) كما لو شرط لأحدهما دراهم مسماة. حلبي.
وأورد الأكمل شرط العمل على رب المال فإنه يفسدها وليس بواحد منهما، وأجيب بأن المراد بالفساد ما بعد الوجود وهي عند اشتراط ذلك لو توجد المضاربة أصلا، إذ حقيقتها أن يكون العمل فيها من طرف المضارب. وفي المقدسي: قال الزيلعي وغيرها: فالأصل أن كل شرط يوجب جهل الربح أو قطع الشركة مفسد، وما لا فلا.