واستحق بعضها لجواز دعواه فيما بقي ولو استحق كلها رد كل العوض لدخول المدعي في المستحق.
واستفيد منه: أي من جواب المسألة أمران:
أحدهما: صحة الصلح عن مجهول على معلوم، لان جهالة الساقط لا تفضي إلى المنازعة.
والثاني: عدم اشتراط صحة الدعوى لصحته لجهالة المدعى به، حتى لو برهن لم يقبل ما لم يدع إقراره به. ا ه.
والحاصل: أن ما استدل به صدر الشريعة من أنه إذا ادعى حقا مجهولا في دار فصولح على شئ يصح الصلح لا يفيد الاطلاق، بل إنما صح الصلح فيه، لان الدعوى يمكن تصحيحها بتعيين الحق المجهول وقت الصلح، ومع هذا فقد علمت المفتى به مما استقر عليه فتوى أئمة خوارزم من أن الصلح إذا كان من دعوى فاسدة لا يمكن تصحيحها لا يصح، وإن أمكن تصحيحها يصح، هذا غاية ما حققه المحشون فاغتنمه. قوله: (وصح الصلح عن دعوى حق الشرب) والشرب وهو نصيب الماء، وكذا مرور الماء في أرض على ما يظهر ط: أي فتسقط الدعوى، ولا يلزم من صحة الصلح لزوم البدل، لما تقدم من أن الصلح عن الشفعة يسقطها ولا يوجب البدل وكذلك عن دعوى حق الشرب ووضع جذوع فإنه دعوى حق لا يجوز الاعتياض عنه، إذ لا يجوز بيع الشرب ولا بيع حق وضع الجذوع. قوله: (وحق الشفعة) معطوف على حق الشرب: أي يجوز الصلح عن دعوى حق الشفعة لدفع اليمين. أما الصلح عن حق الشفعة الثابت فلا يجوز، لما مر أنه غير مال فلا يجوز الاعتياض عنه.
قوله: (وحق وضع الجذوع على الأصح) لما علمت من أنه يجوز الصلح عما ذكر في حق سقوط الدعوى، ولا يلزم من صحة الصلح لزوم البدل، لما مر أن الصلح عن الشفعة إلى آخر ما قدمناه قريبا.
قال الزيلعي: ولو كان لرجل ظلة أو كنيف على طريق العامة فخاصمه رجل على نقضه فصالحه على شئ كان الصلح باطلا، لان الحق في طريق النافذ لجماعة المسلمين فلا يجوز أن يصالح واحد على الانفراد، وبخلاف ما إذا صالح الامام عنه على مال حيث يجوز لان للامام ولاية عامة، وله أن يتصرف في مصالحهم، فإذا رأى في ذلك مصلحة ينفذ لان الاعتياض من المشترك العام جائز من الامام، ولهذا لو باع شيئا من بيت المال صح بيعه، وبخلاف ما إذا كان ذلك في طريق غير نافذ فصالحه رجل من أهل الطريق حيث يجوز في حقه، لان الطريق مملوكة لأهلها فيظهر في حق الافراد، والصلح معه مفيد لأنه يسقط به حقه ثم يتوصل إلى تحصيل رضا الباقين فيجوز. ا ه. قوله: (في أي حق كان) ولو كان مما لا يقبل الاعتياض عنه. قوله: (حتى في دعوى التعزير) بأن ادعى أنه كفره أو ضلله أو رماه بسوء ونحوه حتى توجهت عليه اليمين فافتداها بدراهم فإنه يجوز على الأصح. منح.
وهذا يدل على أنه يستحلف في دعوى التعزير. قوله: (مجتبى) قال في بعد أن رمز سنج صالح عن دعوى حق الشرب وحق الشفعة أو حق وضع الجذوع ونحوه، فقيل لا يجوز افتداء اليمين لأنه لا يجوز شراؤه قصدا، والأصح أنه يجوز لان الأصل أنه متى توجهت اليمين نحو الشخص بأي حق كان فافتدى اليمين بدراهم يجوز على الأصح.