كإقراره بعد الصلح. هذا إذا اتحد الاقرار بالملك بأن قال إنه ميراث لي عن أبي ثم قال لا حق لي من هذه الجهة، فأما إذا ادعى ملكا لا بجهة الإرث بعد الاقرار بعدم الحق بطريق الإرث بأن قال حقي بالشراء أو بالهبة لا يبطل ا ه. فظهر أن مراده أنه لو قال بعد الصلح لا حق لي قبل المدعي إنما يبطل الصلح إذا أطلق. أما إذا عين، بأن قال لا حق لي من جهة الإرث مثلا فقيل له قد بطل الصلح فقال إنه حقي بجهة الشراء مثلا بقي الصلح صحيحا على حاله وإن علم الحاكم غير معتبر الآن على المفتى به. قوله: (فيحرر) ما نقله عن البزازية.
أقول: لا يحتاج إلى تحرير، لان ما ذكره البزازي من قوله هذا إذا اتحد الاقرار تقييد لعدم صحة الصلح إذا أقر المدعي، ولا إشكال فيه، ولعله أراد تحرير ما قاله المصنف من تقييد ما في العمادية فإنه غير ظاهر كما علمت، والله تعالى أعلم.
فرع: ذكر المصنف عن آخر الدعوى من الخلاصة: لو ادعى أنه استعار دابة فلان وهلكت عنده فأنكر المالك الإعارة وأراد التضمين فصالحه مدعي العارية على مال ثم أقام بينة على العارية قبلت بينته وبطل الصلح. قوله: (عن الدعوى الفاسدة) كدعوى وقع فيها تناقض. قوله: (وعن الباطلة) كدعوى خمر وخنزير من مسلم. قوله: (والفاسدة ما يمكن تصحيحها) بالتوفيق في التناقض مثلا: أي والباطلة ما لا يمكن تصحيحها، كما لو ادعى أنها أمته فقالت أنا حرة الأصل فصالحها عنه فهو جائز، وإن أقامت بينة على أنها حرة الأصل بطل الصلح إذ لا يمكن تصحيح هذه الدعوى بعد ظهور حرية الأصل.
ومثال الدعوى التي يمكن تصحيحها: لو أقامت بينة أنها كانت أمة فلان أعتقها عام أول وهو يملكها بعد ما ادعى شخص أنها أمته: أي وصالحها لا يبطل الصلح، لأنه يمكن تصحيح دعوى المدعي وقت الصلح بأن يقول إن فلانا الذي أعتقك كان غصبك مني، حتى لو أقام بينة على هذه الدعوى تسمع. مدني. وقوله هنا وهو يملكها جملة حالية ط.
أقول: وشهادة الشهود أنه أعتقها وهو يملكها لا تنافي ذلك، لان لهم أن يشهدوا بالملك له بظاهر اليد. تأمل. ومن الباطلة عن دعوى حد وعن دعوى أجرة نائحة أو مغنية أو تصوير محرم. ا ه وعلم أن قوله قالت أنا حرة الأصل أي وبرهنت عليه بدليل ما قال بعد ظهور حرية الأصل، فإن الظهور بالبينة وبدليل ما قال في مقابلتها لو أقامت بينة أنها كانت الخ، وقول صاحب الأشباه وهو توفيق واجب.
قال محشيه في شرح الوقاية لصدر الشريعة: ومن المسائل المهمة أنه هل يشترط لصحة الصلح صحة الدعوى أم لا؟ فبعض الناس يقولون: يشترط، ولكن هذا غير صحيح لأنه إذا ادعى حقا مجهولا في دار فصولح على شئ يصح الصلح على ما مر في باب الحقوق والاستحقاق، ولا شك أن دعوى الحق المجهول دعوى غير صحيحة، وفي الذخيرة ألحق مسائل تؤيد ما قلناه.
قال الشيخ محمد في معين المفتي: إذا علمت هذا علمت أن الصحيح عدم اشتراط صحة الدعوى لصحة الصلح وعليه فلا يحتاج إلى التوفيق ا ه.