فصالحه على نصفه على أن يبرئه مما بقي جاز قياسا لا استحسانا، ولو صالحه في ذلك على ثوب ودفعه جاز في الوجوه كلها إذ يكون مشتريا للثوب بالمغصوب، ولو كان المغصوب قنا أو عرضا فصالح غاصبه مالكه على نصفه وهو مغيبه عن ملكه وغاصبه مقر أو منكر لم يجز، إذ صلحه على نصفه إقرار بقيامه، بخلاف كيلي أو وزني إذ يتصور هلاك بعضه دون بعضه عادة، بخلاف ثوب وقن اه. قوله:
(قبل القضاء بالقيمة) أما بعد القضاء لا يجوز، لان الحق انتقل بالقضاء إلى القيمة. منح. فيرد الزيادة على القيمة. أبو السعود. قوله: (جائز) عند الامام خلافا لهما لان حق المالك في الهالك لم ينقطع ولم يتحول إلى القيمة فكان صلحا عن المغصوب لا عن قيمته، فلا يكون اعتياضه بأكثر من قيمته ربا، والزائد على المالية يكون في مقابلة الصورة الباقية حكما لا القيمة. وعندهما: لا يجوز إذا كان بغبن فاحش، لان حقه في القيمة فالزائد عليها ربا، ومحل ذلك إذا لم يكن مثليا صولح عنه على مثله فإنه لا تجوز الزيادة حينئذ، وإن كان من خلاف جنسه جاز اتفاقا.
والحاصل: أن الامام يقول: إن الضمان بدل عن العين المستهلكة فيجوز بالغا ما بلغ، كما إذا كانت قائمة حقيقة. والصاحبان يقولان: إن القيمة هي الواجبة في ضمان العدوان لأنها هي التي يمكن وجوبها في الذمة دون العين فيكون المأخوذ بدلا عن القيمة عند الصاحبين، فما زاد عن القيمة يكون ربا. أبو السعود. قوله: (كصلحه بعرض) أي سواء كانت قيمته كقيمة الهالك أو أقل أو أكثر، وإنما ذكرها الشارح هنا مع أنها ستأتي متنا إشارة إلى أن محلها هنا، وظاهره أن الصلح عن قيمي بعرض، وإن كانت قيمته أكثر جاز على هذا الخلاف، وليس كذلك بل الصلح على عرض، وإن كانت قيمته أكثر من قيمة المغصوب جائز اتفاقا. صرح به في الكافي وغيره.
غاية ما يقال: إن مقارنته بما قبله لمجرد تساويهما في الصحة عند زيادة البدل عن قيمة المبدل وإن كان أحدهما اختلافيا والآخر اتفاقيا. نعم لو أفرده بالذكر كما في الهداية وكما فعل المصنف لكان أولى. قوله: (فلا تقبل إلخ) لان بالصلح قد أخذ بعض حقه وأسقط باقيه، والساقط لا يعود. قوله:
(ولا رجوع للغاصب على المغصوب منه بشئ) أي سواء كان قبل القضاء بقيمة المغصوب أو بعده لعدم ظهور الربا بين العرض وقيمة المغصوب لفقد العلتين فيه، بخلاف ما لو دفعها من جنس القيمة بعد القضاء بها، لان تقدير القاضي كتقدير الشارع، فإذا دفع أزيد منه تحقق الربا إن كان من جنس ما قدره القاضي. أما لو قضى بالدراهم فدفع الدنانير أو بالعكس فيجوز أيضا لفقد العلة وهو اتحاد الجنس، لكن يشترط القبض في مجلس الصلح لئلا يفترقا عن دين بدين. أفاده الرحمتي.
تنبيهات: الصلح على أكثر من مهر المثل جائز، ولو طلقها بعد الدخول أو ماتت لا يجوز إلا على قدر مهر المثل، لأنه يصير بمنزلة الدين ولم يبق له حكم المهر ولذا لا يجوز الزيادة فيه.
استهلك إناء فضة وقضى بالقيمة وافترقا قبل القبض لم يبطل، وكذا لو اصطلحا بلا قضاء غصب طوق ذهب مائتا مثقال فضاع فصالحه على مائة ثم أقر المدعي أن أحدهما كان ملك المدعى عليه فالصلح جائز عن الثاني ولا يرجع عليه، ولو أقام المدعي بينة على الألف والدار بعد الصلح كان على