قلت: وهذا يدل على أنه يستحلف في دعوى التعزير. قال: وكذلك إن صالحه من يمينه على عشرة أو من دعواه فهو كله جائز ا ه. وهذا مناف لما قدمه أو الباب من أن شرط صحة الصلح كون المصالح عليه حقا يجوز الاعتياض عنه، وما في المجتبى أعم منه كما ترى. ولعل التوفيق أن يقال: إنه جائز في حق المدعى عليه لدفع الخصومة عنه لا في حق المدعي إذا كان حقا لا يجوز الاعتياض عنه، لان ما يأخذه عوض عن حقه في زعمه فلا بد من إمكان الاعتياض عن حقه، ولعله في المجتبى يفرق بين الصلح عن الشفعة وعن دعوى الشفعة فلا يصح في الأول كما أطبقوا عليه من عدم لزوم البدل ووجوب رده بعد أخذه، ويصح في الثاني، فليحرر. قوله: (بخلاف دعوى حد) أي لا يصح الصلح عنها، لما عرفت أن الصلح لا يجوز في حق الله تعالى ولو حد قذف، ولا عن الابراء منه. منح.
قال في الفوائد الزينية: لا يصح الصلح عن الحدود، ولا يسقط به إلا حد القذف إلا إذا كان قبل المرافعة كما في الخانية. قوله: (ونسب) كما إذا ادعت أن هذا ولده منها فصالحها لترك دعواها فالصلح باطل، لان الصلح إما إسقاط أو معاوضة والنسب لا يحتملهما. درر. وأطلقه فشمل ما لو كانت الدعوى من المطلقة أنه ابن المطلق منها أو الدعوى من الابن أنه ابنه منها وجحد الرجل فصالح عن النسب على شئ فالصلح باطل في كلتا الصورتين، لما سبق أن النسب لا يقبل الاعتياض مطلقا، وعليه إطلاق المصنف في الدعوى وفي عدم احتمال النسب المعاوضة هذا، فظهر أن من أراد التخصيص بالصورة الأولى لم يصب كما لا يخفى. قوله: (بأن كان دينا بعين) أي بدل الصلح دينا والمصالح عليه عينا أو عكسه فالباء للمقابلة والعوض، وكذا بدين من غير جنسه كالدراهم عن الدنانير وعكسه كان ذلك معاوضة إن كان بإقرار، وكذا بإنكار وسكوت في حق المدعي، والمعاوضة تصح الإقالة فيها فلذا ينتقض بنقضهما: أي لو فسخ ذلك الصلح المتصالحان انفسخ لجواز الإقالة فيه كما تقدم أول الكتاب، وفي نسخة بدين عوضا عن قوله: بعين ومثله فيما يظهر العين بالعين. قوله:
(ينتقض بنقضهما) أي بفسخ المتصالحين: أي لو فسخ ذلك الصلح المتصالحان انفسخ لجواز الإقالة. فيه قوله: (بل بمعنى الخ) وذلك الصلح عن الدين ببعضه فإنه أخذ لبعض حقه وإسقاط للباقي فلا ينتقض بنقضهما لأنه قد سقط والساقط لا يعود. قوله: (قنية وصيرفية) الأولى الاختصار على العزو إلى القنية، لأنه في الصيرفية نقل الخلاف في الصحة وعدمها مطلقا. وأما في القنية فقد حكى القولين ثم وفق بينهما بما هنا بحثا منه، فقال: أن الصلح إن كان الخ.
وحاصله: أن الصلح إن كان بمعنى المعاوضة ينتقض بنقضهما، وإن كان بمعنى استيفاء البعض وإسقاط البعض لا ينتقض بنقضهما.
أقول: والذي يظهر لي أن الصلح: إن تحصيل من فسخه ثمرة وجدت البينة أو توسم الاقرار أو النكول يصح، وقوله الساقط لا يعود لا يرد علينا، لان الساقط في هذا الباب إنما هو قضاء لا ديانة، فهو في الحقيقة باق غير ساقط وإن لم تظهر ثمرة من الفسخ يفتى برواية عدم الصحة. قوله: (ولو