قال الشمني: لان هذا الصلح إسقاط محض، فكان الوكيل فيه سفيرا ومعبرا فلا يكون البدل عليه كالوكيل بالنكاح، إلا أن يضمنه فإنه حينئذ يؤاخذ به لضمانه لا لعقد الصلح. ا ه. قوله: (من مكيل وموزون) هكذا قيد بهذا القيد في الدرر وتبعه الشارح، إلا أن عبارة الدرر بلفظ أو والواو بمعنى أو: أي سواء كان دينا منها بحسب الأصل أو بحسب التقدير.
قال أبو الطيب: إن كان المراد من مكيل وموزون أن من بيانية للدين فلا حاجة إلى اشتراط أن يكون الدين بدل المكيل والموزون، لان الدين لا يكون إلا أحدهما، لان الأعيان لا تكون ديونا ا ه.
وبه ظهر قول بعض الأفاضل: هل مثله المعدود المتقارب والمذروع إذا بين طوله وعرضه وصفته؟ فإنهم قالوا: يجوز فيه حينئذ السلم ويصح ثبوته في الذمة يراجع ا ه. فتأمل. قوله: (لزم بدله الموكل) هذا ظاهر فيما إذا كان الوكيل من طرف الجاني، ولا يظهر إذا كان من طرف الولي لأنه آخذ فكيف يقال يلزمه، وكذا لا يظهر في جانب الدين إذا كان الموكل هو المدعي لان الموكل مدع فكيف يلزمه، وأطلق في لزومه الموكل فشمل الصلح بأقسامه الثلاثة، وبه صرح العيني. قوله: (لأنه إسقاط) أي للقود عن القائل وبعض الدين عن المدعى عليه. قوله: (فيؤاخذ بضمانه) أي ويرجع على الموكل به، وكذا الصلح في الخلع، وكذا يرجع في الصورة التالية لهذه كما في المقدسي: وفي النكاح لا يرجع لان الامر بالصلح عنه أمر بالأداء عنه ليفيد الامر فائدته، إذ الصلح عنه جائز بلا أمره، بخلاف النكاح لأنه لا ينفذ عليه من الأجنبي، والامر بالخلع كالأمر بالصلح حتى يرجع على الآمر إن ضمن وأدى عنه. زيلعي.
قال عبد الحليم: قوله إلا أن يضمنه أي يكفل الوكيل البدل وأن يضيف العقد إلى نفسه وإلى مال نفسه ا ه. وهذا كله فيما إذا كان الصلح عن دم العمد كما ذكره المصنف عن إقرار أو سكوت أو إنكار أو فيما لا يحمل على المعاوضة كالصلح على بعض الدين كما ذكره المصنف أيضا لأنه إسقاط، فكان الوكيل سفيرا فلا يلزمه شئ إلا بالالتزام. وأما فيما يحمل على المعاوضة فسيذكره بقوله الآتي هنا كما إذا وقع عن مال بمال الخ. قوله: (فيلزم الوكيل) أي ثم يرجع به على الموكل كما مر قريبا لان الوكيل أصل في المعاوضات المالية فترجع الحقوق إليه دون الموكل فيطالب هو بالعوض دون الموكل. عيني. قوله: (لأنه حينئذ كبيع) أي والحقوق في عقد البيع ترجع إلى المباشر فكذا فيما إذا كان بمنزلته فيلزم الوكيل ما صالح عليه ثم يرجع به على الموكل، ومقتضى الاطلاق أنه يرجع وإن لم تكن الكفالة بأمر الموكل كما صرحت به عند قوله الآتي بأمره قوله: (مطلقا) سواء كان عن مال بمال أو لا، وسواء كان في دم عمد ودين أو غيرهما، وهذا إنما يظهر في جانب المدعى عليه إذ هو في جانبه فداء يمين وقطع نزاع، وهذا إنما يعود إلى الموكل لا إلى الوكيل. قوله: (صالح عنه) أي عن المدعى عليه فضولي الخ. هذا فيما إذا أضاف العقد إلى المصالح عنه لما في آخر تصرفات الفضولي من جامع الفصولين.