واعلم أن المصنف تبع قاضيخان في تفريعه على هذه المسألة: أعني صحة استثناء الكيلي والوزني ونحوهما من المقدرات، التي تثبت في الذمة من الدراهم والدنانير فقال: لو قال له دينار إلا درهما أو إلا قفيزا أو إلا مائة جوزة صح، ويطرح من المقدم قدر قيمة المستثنى، فإن كانت قيمته تأتي على جميع ما أقر به لا يلزمه شئ، وإن لم يكن المستثنى من جنس ما أقر به وليس له جنس من مثله كقوله دينار إلا ثوبا أو شاة لم يصح الاستثناء، وإن كان من جنسه صح الاستثناء في قولهم إلا أن يستثنى جميع ما تكلم به فلا يصح الاستثناء ا ه. وآخره يخالف أوله. كذا بخط السيد الحموي عن الرمز.
وأقول: يمكن الجواب بحمل ما ذكره قاضيخان آخرا على ما إذا كان الاستثناء بمرادفه كقوله له علي ألف دينار إلا خمسمائة وخمسمائة فلا يخالف ما ذكره أولا، لان الاستغراق فيه من حيث القيمة، فتدبر. قوله: (فيحرر) الظاهر أن في المسألة روايتين مبنيتين على أن الدراهم والدنانير جنس واحد أو جنسان ح.
وتوضيحه: أنهم جعلوا الدراهم والدنانير نوعا واحدا في بعض المسائل نظرا لان المقصود منها الثمنية، وفي بعض المسائل جعلوها نوعين باعتبار الصورة كما بينه الشارح في غير هذا المحل، فصاحب البحر جعلها في مسألة الاستثناء مما هي معتبرة فيه نوعا واحدا، فكان استثناء المائة درهم من الدينار استثناء بالمساوي لأنها تبلغ قيمة الدينار أو تزيد عليه، وصاحب الجوهرة نظر إلى أنهما نوعان في نفس الامر كما اعتبروها كذلك في بعض المسائل، فلذلك كان استثناء العشرة الدنانير من المائة الدرهم وهي تبلغها قيمة أو تزيد استثناء صحيحا، فإنه ليس بلفظ الأول ولا مساوية لأنهما نوعان، إذ الشرط إيهام البقاء لا حقيقة كما ذكره الشارح، والايهام موجود هنا، ويؤيده مسألة استثناء المكيل والموزون والمعدود.
والحاصل: أن الاستثناء المستغرق إن كان بلفظ الصدر فباطل، وإن لم يكن بلفظ الصدر ولا مساويا له كاستثناء كر بر من الدراهم صحيح لما تقدم أن الشرط إيهام البقاء لا حقيقته، وإن كان بغير لفظ الصدر لكن بمساويه كاستثناء الدراهم من الدنانير أو العكس فوقع فيه اختلاف إذا كان مستغرقا في البحر عن البزازية يقتضي بطلانه، وما في الجوهرة والينابيع والذخيرة يخالفه. قوله: (على الأصح) لان الألف متيقنة الثبوت والخمسون متحققة الخروج وتمام المائة مشكوك في خروجها والمتيقن ثبوته لا يبطل في المشكوك بخروجه وهو تمام المائة، بل بالمتيقن خروجه وهو خمسون، لكن فيه مخالفة لما مهده أولا من أن الاستثناء تكلم بالباقي عندنا، وإنما يناسب ما نقلناه عن الشافعي رحمه الله تعالى أنه إخراج بعد الدخول بطريق المعارضة، وقدمنا أن ثمرة الخلاف إنما تظهر في مثل هذا التركيب، فعندنا يلزمه تسعمائة وخمسون على هذه الرواية، وهي رواية أبي سليمان، وفي رواية تسعمائة، وهي رواية أبي حفص، وهي الموافقة لقواعد المذهب، لأنه لما كان تكلما بالباقي وكان مانعا من الدخول شككنا في المتكلم به، والأصل فراغ الذمة فلا يلزمه الزائد بالشك، وعليه فكان الأولى التفريع على قاعدة المذهب، ثم يذكر هذا على أنه قول آخر. تأمل. قوله: (ثبت الأكثر) أي أكثر المقر به. قوله: (إلا شيئا) لان