المنادي غير المقر له يضر. نقله الحموي عن الجوهرة. ولم أره فيها. لكن قال في غاية البيان: ولو قال لفلان علي ألف درهم يا فلان إلا عشرة كان جائزا، لأنه أخرجه مخرج الاخبار لشخص خاص، وهذا صيغته فلا يعد فاصلا ا ه. تأمل.
قال في الولوالجية: لان النداء لتنبيه المخاطب وهو محتاج إليه لتأكيد الخطاب والاقرار، فصار من الاقرار ا ه.
ثم اعلم أن الملائم للاقرار لا يمنع الاتصاف وغير الملائم يمنعه، فمن قبيل الأول التنفس والسعال وأخذ الفم ونحوها فإنها لا تفصل الاستثناء، وكذا النداء سواء كان مفردا نحو يا فلان أو مضافا نحو يا ابن فلان، سواء كان المنادى مقرا له أو غيره نحو لك علي مائة درهم يا فلان أو يا ابن فلان إلا عشرة، ونحو قولك لزيد علي مائة درهم يا عمرو إلا عشرة من قبيل الثاني ما لو هلل أو سبح أو كبر أو قال فاشهدوا، فإن كلا منها جعل فاصلا كما في الغاية والظهيرية، وباقي التفصيل في تنوير تلخيص الجامع الكبير في باب الاستثناء يكون على الجمع. قوله: (ولو الأكثر عند الأكثر) أي ولو أكثر من النصف عند أكثر النحاة. قال الفراء: استثناء الأكثر لا يجوز لان العرب لم تتكلم به، والدليل على جوازه قوله تعالى: * () * (المزمل: 2 - 3 - 4) وقوله تعالى: * ((15) إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين) * (الحجر: 24) فاستثنى المخلصين تارة والغاوين أخرى، فأيهما كان أكثر لزمه ولا تمنع صحته وإن لم تتكلم به العرب إذا كان موافقا لطريقهم كاستثناء الكسور لم تتكلم به العرب، وهو صحيح لكن يدل على تكلم العرب به وردوه في القرآن كما سمعت النص الكريم. وقال الشاعر:
أدوا التي نقصت تسعين من مائة * ثم ابعثوا حكما بالعدل حكام (1) استثنى تسعين من مائة وإن لم يكن بأداته لأنه في معناه. وقال صاحب النهاية: ولا فرق بين استثناء الأقل والأكثر وإن لم تتكلم به العرب، ولا يمنع صحته إذا كان موافقا لطريقهم. وعن أبي يوسف وهو قول مالك والفراء: لا يصح الاستثناء إلا إذا كان الباقي أكثر كما في مسكين. قوله:
(والاستثناء المستغرق باطل ولو فيما يقبل الرجوع) قال في المنح: لما تقرر من أنه تكلم بالحاصل بعد الثنيا، ولا حاصل بعد الكل فيكون رجوعا. والرجوع عن الاقرار باطل موصولا كان أو مفصولا.
كذا في العناية وغيرها، لكن مقتضى هذا الكلام صحة استثناء الكل من الكل فيما يقبل الرجوع، وليس كذلك ومن ثم قلت: ولو فيما يقبل الرجوع كوصية. قال في الجوهرة: واختلفوا في استثناء الكل، فقال بعضهم: هو رجوع لأنه يبطل كل الكلام، وقال بعضهم: هو استثناء فاسد وليس برجوع