لم يصح هنا الاستثناء يجبر على البيان، ولا يمتنع به صحة الاقرار لما تقرر أن جهالة المقر به لا تمنع صحة الاقرار، ولكن جهالة المستثنى تمنع صحة الاستثناء. ذكره في الشرنبلالية عن قاضي زاده.
قال العيني: وخرج بما ذكر القيمي كما إذا قال له علي مائة درهم إلا ثوبا. وقال الشافعي:
يصح من حيث إنهما متحدا المالية، وبه قال ملك. قوله: (ويكون المستثنى القيمة) مثاله أن يقول: له علي عشرة قروش إلا أردب قمح يصح ذلك، ويكون بالقيمة وإن استغرقت القيمة المستثنى منه يصح كما في البحر. قوله: (استحسانا) والقياس أن لا يصح هذا الاستثناء كما تقدم، لان الاستثناء إخراج بعض ما يتناوله صدر الكلام على معنى أنه لولا الاستثناء لكان داخلا تحت الصدر، وهذا لا يتصور في خلاف الجنس، لكن أبا حنيفة وأبا يوسف صححاه استحسانا كما في الدرر. قوله: (لثبوتها) أي هذه المذكورات في الذمة، لأنها مقدرات وهي جنس واحد معنى وإن كانت أجناسا صورة، لأنها تثبت في الذمة ثمنا، أما الدينار والدرهم إذا استثنيا فظاهر، وكذا غيرهما من المكيلات والموزونات، لان الكيلي والوزني مبيع بأعيانهما ثمن بأوصافهما، حتى لو عينا تعلق العقد بأعيانهما، ولو وصفا ولم يعينا صار حكمهما كحكم التمييز، فكانت في حكم الثبوت في الذمة كجنس واحد معنى، فالاستثناء فيها تكلم بالباقي معنى لا صورة، كأنه قال ثبت لك في ذمتي كذا إلا كذا: إي إلا قيمة كذا، ولو استثنى غير المقدرات من المقدرات لا يصح قياسا واستحسانا كما قدمناه، لان ماليته غير معلومة لكونه متفاوتا في نفسه، فيكون استثناء للمجهول من المعلوم فيفسد فلا ينافي ما يأتي، ولأن الثوب لا يجانس الدراهم لا صورة ولا وجوبا في الذمة. وتمامه في الاتقاني. قوله: (وكانت كالثمنين) لأنها بأوصافها أثمان حتى لو عينها تعلق العقد بعينها، ولو وصفت ولم تعين صار حكمها كحكم الدينار. كفاية.
قوله: (لاستغراقه بغير المساوي) أي وهو يوهم البقاء وإبهام البقاء كاف. قوله: (لكن في الجوهرة) ومثله في الينابيع، ونقله قاضي زاده عن الذخيرة كما في الشرنبلالية وفيها قال الشيخ علي المقدسي رحمه الله تعالى: لو استثنى دنانير من دراهم أو مكيلا أو موزونا على وجه يستوعب المستثنى كقوله له علي عشرة دراهم إلا دينارا وقيمته أكثر وإلا كر بر كذلك إن مشينا على أن استثناء الكل بغير لفظه صحيح، ينبغي أن يبطل الاقرار.
لكن في ذكر في البزازية ما يدل على خلافه. قال علي دينار إلا مائة درهم بطل الاستثناء، لأنه أكثر. من الصدر: ما في هذا الكيس من الدراهم لفلان إلا ألفا: ينظر إن فيه أكثر من ألف فالزيادة للمقر له والألف للمقر، وإن ألف أو أقل فكلها للمقر له لعدم صحة الاستثناء. قلت: ووجهه ظاهر بالتأمل ا ه.
قلت: فكان ينبغي للمصنف أن يمشي على ما في الجوهرة حيث قال فيما قبله، وإن استغرقت.
تأمل.
قال العلامة أبو السعود قلت: ولا شك أن ما في الجوهرة أوجه لما سبق من أن بطلان الاستثناء المستغرق مقيد بما إذا كان بلفظه أو بمرادفه.