وهو الصحيح، لأنهم قالوا في الموصي: إذا استثنى جميع الموصى به بطل الاستثناء والوصية صحيحة، ولو كان رجوعا لبطلت الوصية لان الرجوع فيها جائز ا ه. قوله: (هو الصحيح) على خلاف ما في الدرر حيث قال: لأنك قد عرفت أنه تكلم بالباقي بعد الثنيا، ولا باقي بعد الكل فيكون رجوعا والرجوع بعد الاقرار باطل موصولا كان أو مفصولا. قوله: (بعين لفظ الصدر) كنسائي طوالق إلا نسائي وكعبيدي أحرار إلا عبيدي. قوله: (أو مساويه) نحو نسائي طوالق إلا زوجاتي أو عبيدي أحرار إلا مماليكي.
قال في المنح نقلا عن العناية معزيا إلى الزيادات: استثناء الكل من الكل إنما لا يصح إذا كان الاستثناء بعين ذلك اللفظ، أما إذا كان بغير ذلك فيصح كما إذا قال نسائي طوالق إلا نسائي لا يصح الاستثناء، ولو قال إلا عمرة وزينب وسعاد حتى أتى على الكل صح. قيل وتحقيق ذلك إن الاستثناء إذا وقع بغير اللفظ الأول أمكن جعله تكلما بالحاصل بعد الثنيا، لأنه إنما صار كلا ضرورة عدم ملكه فيما سواه لا لأمر يرجع إلى اللفظ الأول، فبالنظر إلى ذات اللفظ أمكن أن يجعل المستثنى بعض ما تناوله الصدر والامتناع من خارج، بخلاف ما إذا كان بعين ذلك اللفظ، فإنه لم يمكن جعله تكلما بالحاصل بعد الثنيا، فإن قيل: هذا مرجع جانب اللفظ على المعنى وإهمال المعنى رأسا فما وجه ذلك؟
أجيب بأن الاستثناء تصرف لفظي: ألا ترى أنه إذا قال أنت طالق ست تطليقات إلا أربعا صح الاستثناء ووقع تطليقتان، وإن كانت الست لا صحة لها من حيث الحكم لان الطلاق لا يزيد على الثلاث ومع هذا يجعل كأنه قال أنت طالق ثلاثا إلا أربعا فكان اعتباره أولى انتهى. قوله: (وإن بغيرهما) بأن يكون أخص منه في المفهوم، لكن في الوجود يساويه. قوله: (إذ الشرط إيهام البقاء) أي بحسب صورة اللفظ، لان الاستثناء تصرف لفظي فلا يضر إهمال المعنى، أفاده المصنف. قوله: (ووقع ثنتان) وإن كان الستة لا صحة لها من حيث الحكم، لان الطلاق لا يزيد على الثلاث، ومع هذا لا يجعل كأنه قال أنت طالق ثلاثا إلا أربعا، فكان اعتبار اللفظ أولى كما في العناية وهذا مبني على أن الاستثناء من جملة الكلام السابق، لا من جملة الكلام الذي يحكم بصحته، فإن الكلام السابق ست والأربع بعضه فلم يكن مستغرقا، ولو جعلناه استثناء من الكلام الذي يحكم بصحته لكان مستغرقا فيبطل الكلام الذي يحكم بصحته لو طلقها ستا فثلاث لأنه غاية الطلاق والأربع تزيد عليها. والشارح جعله غاية لكونه شرط الاستثناء أن يكون بلفظ الصدر أو مساويه، والأربعة ليست بلفظ الست ولا مساوية لها بل بعضها فصح استثناؤه، لان الثنتين لها عبارتان كما ذكره الشارح، والست إلا أربع هي العبارة المطولة، فاشتراط كون الاستثناء من جملة الكلام السابق مبني على هذا. قوله: (كما صح استثناء الكيلي) فصله عما قبله الان بيان للاستثناء من خلاف الجنس، فإن مقدرا من مقدر صح عندهما استحسانا وتطرح قيمة المستثنى مما أقر به، وفي القياس لا يصح، وهو قول محمد وزفر، وإن غير مقدر من مقدر لا يصح عندنا قياسا واستحسانا، خلافا للشافعي نحو مائة درهم إلا ثوبا، لكن حيث