كيف التصادق اللاحق نقض السابق مع أن ربحه طيب حلال. قوله: (لأنه إقرار آخر) أي وقد صدقه فيه فيلزمه. قاله العلامة عبد البر.
وفي التتارخانية: وفي كل موضع بطل الاقرار برد المقر له لو عاد المقر إلى ذلك الاقرار وصدقه المقر له أن يأخذه بإقراره، وهذا استحسان والقياس أن لا يكون له ذلك ا ه.
ووجه القياس: أن الاقرار الثاني عين المقر به، فالتكذيب في الأول تكذيب في الثاني.
ووجه الاستحسان: أنه يحتمل أنه كذبه بغير حق لغرض من الاغراض الفاسدة فانقطع عنه ذلك الغرض فرجع إلى تصديقه، فقد جاء الحق وزهق الباطل. حموي قوله: (ثم لو أنكر إقراره الثاني) أي وادعاه المقر له لكونه ملكه وأقام بينة عليه لا تسمع، ولو أراد تحليفه لا يلتفت إليه للتناقض بين هذه الدعوى وبين تكذيبه الاقرار الأول. قوله: (قال البديع) هو أستاذ صاحب القنية، فإنه عبر فيها بقال أستاذنا. قال عبد البر: يعني للقاضي البديع. وفي بعض النسخ قال في البدائع: وليس بصواب ط.
قوله: (والأشبه) أي بالصواب والقواعد. قوله: (واعتمده ابن الشحنة وأقره الشرنبلالي) وعبارته: ولو أنكر المقر الاقرار الثاني لا يحلف، ولا تقبل عليه بينة للتناقض من الكذب للاقرار الأول. وقال القاضي البديع: ينبغي أن تقبل بينة المقر له على إقراره ثانيا وهو الأشبه بالصواب. وقال الشارح. أي عبد البر ناظما له: الطويل وقد صوب القاضي البديع قبولها وعندي له الوجه الصحيح المنور ومن أراد المزيد فعليه بشرحه. قوله: (لا يظهر في حق الزوائد المستهلكة) يفيد بظاهره أنه يظهر في حق الزوائد بغير المستهلكة، وهو مخالف لما في الخانية كما قدمناه عنها وقيد بها في الاستروشنية ونقله عنها في غاية البيان، وتقدم في الاستحقاق نظير ما قدمناه عن الخانية، وأنه فرق في الاستحقاق لولد المستحقة بين الاقرار، فلا يتبعها ولدها وبين الاثبات فيتبعها ولدها وكذا سائر الزوائد، وهو عام يشمل المستهلكة وغيرها، وهنا قد قيدها بالمستهلكة فافهم أن القائمة يظهر بها لاقرار، فليحرر. ولعله أراد الاحتراز بالمستهلكة عن الهالكة بنفسها لأنها غير مضمونة مطلقا لأنها كزوائد المغصوب. تأمل قوله: (فلا يملكها المقر له ولو إخبارا لملكها) قال في نور العين: شرى أمة فولدت عنده لا باستيلاده، ثم استحقت ببينة يتبعها ولدها، ولو أقر بها لرجل لا، والفرق أنه بالبينة يستحقها من الأصل، ولذا قلنا: إن الباعة يتراجعون فيما بينهم، بخلاف الاقرار حيث لا يتراجعون ف. ثم الحكم بأمة حكم بولدها وكذا الحيوان، إذ الحكم حجة كاملة، بخلاف الاقرار فإنه لم يتناول الولد لأنه حجة ناقصة، وهذا الولد بيد المدعى عليه فلو في ملك آخر هل يدخل في الحكم اختلف المشايخ. ا ه.
ففيه مخالفة لمفهوم كلام المصنف، ويشبه أن تكون هذه التفريعات كلها جامعا بين قول من قال إن الاقرار إخبار بحق لآخر لا إثبات، وهو قول محمد بن الفضل والقاضي أبي حازم وقول من قال:
إنه تمليك في الحال وهو أبو عبد الله الجرجاني. قاله في الشرنبلالية. وذكر استشهاد كل على ما قال بمسائل ذكرت في الفصل التاسع من الاستروشنية.