والحاصل أن الاقرار هل هو إخبار بحق لآخر أم تمليك في الحال على ما قدمناه من الخلاف؟
وقد علمت أن الأكثر على الأول الذي عليه المعول، وقد ذكروا لكل مسائل تدل على ما قال، والله تعالى أعلم بحقيقة الحال. قوله: (أقر حر مكلف) أي بالغ عاقل. درر. قيد بالحر، لان العبد المحجور عليه يتأخر إقراره بالمال إلى ما بعد العتق، وكذا المأذون له يتأخر إقراره بما ليس من باب التجارة كما قدمناه. وكذا إذا أقر بجناية موجبة للمال لا يلزمه لان الاذن لم يتناول إلا التجارة، بخلاف ما إذا أقر بالحدود والقصاص، لان العبد مبقى على أصل الحرية في حقهما. زيلعي قوله: (مكلف) شرط التكليف لان إقرار الصبي والمعتوه والمجنون لا يصح لانعدام أهلية الالتزام، إلا إذا كان الصبي مأذونا له فيصح إقراره بالمال لكونه من ضرورات التجارة، لأنه لو لم يصح إقراره لا يعامله أحد، فدخل في الاذن كل ما كان طريقه التجارة كالديون والودائع والعواري والمضاربات والغصوب فيصح إقراره بها لالتحاقه في حقها بالبالغ العاقل، لان الاذن يدل على عقله، بخلاف ما ليس من باب التجارة كالمهر والجناية والكفالة حيث لا يصح إقراره بها، لان التجارة مبادلة المال بالمال والمهر مبادلة مال بغير مال، والجناية ليست بمبادلة، والكفالة تبرع ابتداء فلا تدخل تحت الاذن والنائم والمغمى عليه كالجنون لعدم التمييز، وإقرار السكران جائز إذا سكر بمحظور، لأنه لا ينافي الخطاب إلا إذا أقر بما يقبل الرجوع كالحدود الخالصة، وإن سكر بمباح كالشرب مكرها لا يلزمه شئ. زيلعي. والردة كالحدود الخالصة.
حموي. قوله: (يقظان) أخرج به النائم فلا يؤاخذ بما أقر به في النوم لارتفاع الاحكام عنه. قوله:
(طائعا) أخرج به المكره فلا يصح إقراره، ولو بطلاق وعتاق كما تقدم، أما طلاقه وعتاقه فيقعان.
قوله: (إن أقروا بتجارة) أي بمال فيصح، وجوابه قول المصنف الآتي صح أي صح للحال. قوله:
(كإقرار محجور) أي عبد لأنه مبقى على أصل الحرية في الحدود والقصاص ولأنه غير متهم بهذا الاقرار لان ما يدخل عليه بهذا الاقرار من المضرة أعظم مما يدخل على مولاه، وليس هو عائدا إلى الصبي والمعتوه فإنه لا حد عليهما، ولا قود لان عمد الصبي خطأ والمعتوه كالصبي، ويدل على تخصيصه بالعبد قول الشارح وإلا فبعد عتقه أي إلا يكن إقرار العبد المحجور بحد أو قود بل بمال، فإنه لا ينفذ عليه في الحال لأنه وما في يده لمولاه والاقرار حجة قاصرة لا تتعدى لغير المقر، فلا ينفذ على مولاه فإن عتق سقط حق المولى عنه فنفذ إقراره على نفسه والأولى أن يعبر بدل المحجور بالعبد وأن يؤخره بعد قوله الآتي صح. قوله: (بحد وقود) أي مما لا تهمة فيه كما ذكرنا فيصح للحال. قوله: (وإلا) أي بأن كان مما فيه تهمة. قوله: (فبعد عتقه) أي فتتأخر المؤاخذة به إلى عتقه، وكذا المأذون رعاية لحق المولى. عيني قوله: (ونائم) قصد بهذا كالذي قبله وبعده بيان المحترزات. قوله: (أو مجهول) إنما صح الاقرار به لان الحق قد يلزمه مجهولا بأن أتلف مالا لا يدري قيمته أو جرح جراحة لا يعلم أرشها، والضمير في صح يرجع للاقرار المعلوم من أقر. قوله: (لان جهالة المقر به لا تضر) كما إذا أقر أنه غصب من رجل مالا مجهولا في كيس أو أودعه مالا في كيس صح الغصب والوديعة، وثبت حكمهما لان الحق قد يلزمه مجهولا الخ. قوله: (إلا إذا بين سببا تضره الجهالة كبيع) أي لو قال له