فرق بين الطالب والمطلوب. وصححه من الطالب دون المطلوب، ومثله صحة استثناء الانكار في الرواية، وجعله في الصغرى قول محمد خلافا لأبي يوسف. وعلل قول محمد بأن الانكار قد يضر الموكل بأن كان المدعي وديعة، فلو أنكر الوكيل لا تسمع منه دعوى الهلاك والرد وتسمع قبل الانكار. وبقي قسم ثالث، وهو لو وكله غير جائز الاقرار والانكار: قيل لا يصح لعدم بقاء فرد تحته، وقيل يصح لبقاء السكوت. كذا في البزازية.
والحاصل أن المسألة على خمسة أوجه: الأول: أن يوكل بالخصومة فيصير وكيلا بهما. الثاني: أن يستثنى الاقرار فيكون وكيلا بالانكار فقط. الثالث: عكسه فيصير وكيلا بالاقرار فقط في ظاهر الرواية. الرابع: أن يوكله بالخصومة جائز الاقرار فيكون وكيلا بهما. الخامس: أن يوكله بها غير جائز الاقرار ففيه اختلاف المتأخرين، ولا يصير به مقرا لأنه يمكن أنه وكله بالاقرار خوف الشغب والخصومة وإن لم يكن عليه شئ، لان كل أحد لا يقدر عليها.
وفي الخلاصة: ولو كان التوكيل بسؤال الخصم واستثنى الاقرار موصولا صح، ومفصولا لا يصح، ولو استثنى الاقرار والانكار: فقيل لا يصح لعدم بقاء فرد تحته، وقيل يصح لبقاء السكوت.
بحر عن البزازية. قوله: (ولا يصير به مقرا) يعني التوكيل بالاقرار صحيح، ولا يكون التوكيل به قبل الاقرار إقرارا من الموكل. وعن الطواويسي: معناه أن يوكل بالخصومة ويقول خاصم فإذا رأيت لحوق مؤنة أو خوف عار علي فأقر بالمدعي يصح إقراره على الموكل. كذا في البزازية.
قلت: ويظهر منه وجه عدم كونه إقرارا ونظيره صلح المنكر. قوله: (وبطل توكيل الكفيل) أي توكيل الدائن الكفيل، وسيأتي هذا في قوله بخلاف العكس ففيه تكرار. قوله: (بالمال) متعلق بالكفيل: أي بقبض المال من المديون.
وصورته: إذا كان لرجل دين على آخر وكفل به رجل فوكل الطالب الكفيل بقبض ذلك الدين من المدعى عليه الأصل لم يصح التوكيل. عيني. قوله: (لئلا يصير عاملا لنفسه) أي لان الوكيل هو الذي يعمل لغيره، ولو صححنا هذه الوكالة صار عاملا لنفسه ساعيا في براءة ذمته فانعدم الركن فبطل، ولأنه مطالب بالمال، وفي طلبه من المديون الدفع عن نفسه ولأن حق الطلب له بعد أدائه المال، فلو وكله المكفول له بقبضه صار كأنه جعل له المطالب مع أن المطالبة حقه فلا يصح.
قال في البحر: وإذا بطلت الوكالة في مسألة الكتاب وقبضه من المدين وهلك في يده لم يهلك على الطالب ا ه.
وأورد عليه أنه كما هو ساع في براءة نفسه ساع في تحصيل المال للطالب، ولو أبرأه عن الكفالة لا تنقلب صحيحة لوقوعها باطلة ابتداء كالوكيل عن غائب فإنه يقع باطلا، ثم إذا بلغه فأجازه لم يجز، وتقييد الكفالة بالمال للاحتراز عما سيأتي متنا من قوله بخلاف كفيل النفس حيث يصح توكيله بالخصومة، لان الواحد يقوم بهما. عيني وزيلعي. قوله: (كما لا يصح لو وكله بقبضه من نفسه) لما سيأتي من استحالة كونه قاضيا ومقتضيا. قوله: (أو عبده) أي المأذون المديون لأنه يصير عاملا لنفسه