القضاء، ولأن حق الطالب في الدين ثابت بيقين لتحقق الموجب فلا يمتنع عن الوكيل استيفاؤه ما لم يثبت الغريم ما يسقطه، ولا كذلك العيب لأنه لم يتيقن بثبوت حق المشتري في الرد لاحتمال أنه رأى العيب ورضي به وقت التسليم فيمتنع ثبوت حقه في الرد أصلا. وقالوا: عند أبي يوسف ومحمد يجب أن لا يفرق بين المسألتين بل يرد فيهما. وقيل الأصح عند أبي يوسف أن يؤخر في الفصلين، لان من مذهبه أن القاضي لا يرد بالعيب على البائع ما لم يستحلف المشتري بالله ما رضيت بهذا العيب، وإن لم يدع البائع الرضا فلا بد من حضور المشتري وحلفه ا ه. قوله: (بخلاف ما مر) أي من مسألة الدين، لان التدارك فيها ممكن باسترداد ما قبضه الوكيل إذا ظهر الخطأ عند نكوله إذ القضاء لم ينفذ باطنا، لأنه ما قضى إلا بمجرد التسليم فلم يكن قضاء في العقود والفسوخ. قوله: (خلافا لهما) أي لأبي يوسف ومحمد حيث قالا: لا يؤخر القضاء في الفصلين، لان قضاء القاضي عندهما ينفذ ظاهرا فقط إذا ظهر الخطأ ح. وأراد بقوله في الفصلين فصل الرد بالعيب وفصل الدين عند ادعاء ما يبرئه. وقيل الأصح عند أبي يوسف أنه يؤخر في الفصلين، لان مذهبه أن القاضي لا يرد بالعيب على البائع ما لم يستحلف المشتري بالله ما رضيت بهذا العيب وإن لم يدع البائع الرضا إلى آخر ما قدمناه قريبا عن مذهبه. قوله:
(فلو ردها الوكيل الخ) مناف لما تقدم من أن القاضي لا يقضي بالرد، اللهم إلا أن يقال: معناه لا ينبغي له ذلك، فلو فعل كان القضاء موقوفا، فإن حضر المشتري وكذب البائع مضى القضاء على الصحة، وإن صدقه استردها تأمل ح. ولا تنس ما تقدم قريبا والمراد بردها: أي بالقضاء، يدل له قوله لان القضاء لا عن دليل الخ وإذا كان الرد بدون قضاء فالحكم كذلك بالأولى.
ولا يقال: إنه لم يرد عليه للعلة المتقدمة فكيف يقال فلو ردها الخ؟ فهذا تناقض. لأنا نقول: لم يرد عليه: أي لا يسوغ للقاضي الحنفي أن يحكم عليه بالرد لئلا يتضرر البائع للزوم الفسخ، وقوله فلو ردها عليه: أي بقضاء غير حنفي يرى ذلك لم يكن فسخا اتفاقا، لان القضاء لا عن دليل الخ، لكن بهذا التعليل يبطل ما علل به أولا بمنع الرد على البائع، إلا أن يجعل هذا من المسائل التي لا ينفذ فيها حكم القاضي حيث كانت لا عن دليل، ولذا لا يسوغ للحنفي أن يقضي بها، فتأمل.
وأقول: إن ردها أيضا عن المشتري البائع عند الامام لا يكون إلا بعد حلف المشتري فلم يكن القضاء عن جهل بل عن دليل، ولو ردها بلا حلفه لم يكن له ذلك عنده، إلا أن يقال: إنه حكم به على قولهما، فإذا حضر وصدق على الرضا كان القضاء باطلا اتفاقا، أو يقال: إن البائع أسقط حقه في اليمين، فليتأمل. قوله: (فلا ينفذ باطنا) اعترض بأنه إذا جاز نقض القضاء هنا عند أبي حنيفة أيضا بأي سبب كان لا يتم الدليل المذكور للفرق بين المسألتين. قوله: (أو الشراء) قيد به لما في البحر عن الخلاصة: الوكيل ببيع الدينار إذا أمسكه وباع ديناره لا يصح، والوكيل بالشراء إذا اشترى ما أمر به ثم أنفق الدارهم بعد ما سلم إلى الآمر ثم نقد البائع غيرها جاز، ولو اشترى بدنانير غيرها ثم نقد دنانير الموكل فالشراء للوكيل وضمن للموكل دنانيره للتعدي. ا ه. وبه ظهر أن التفصيل هو المختار خلافا لما أطلقه المصنف والشارح كما علمته مما نقلناه. قوله: (عن زكاة) الظاهر أنه ليس بقيد ح، ويدل عليه