الوكيل لنفسه) الذي كتب عليه أبو السعود وهو الموافق لما تقدم بكل ما يعقده الموكل لنفسه.
وفي المجمع: وتجوز الوكالة بكل عقد يجوز للموكل مباشرته. وقال في الهداية: كل عقد جاز أن يعقده الانسان لنفسه جاز أن يوكل به غيره، والآمر في صورة الوصي كذلك، فإنه كما يجوز للوصي أن يشتري مال اليتيم لنفسه عند ظهور النفع يجوز أن يوكل فيه غيره فيشتريه الوكيل، ولم يقولوا كل ما يعقده الانسان لنفسه جاز أن يكون وكيلا فيه حتى يتم ما ذكره من خروج مسألة الوصي.
ا ه. وعليه فعبارة الأشباه معترضة. والأولى أن تكون كما قالوا: يجوز التوكيل بكل ما يعقده الموكل بنفسه كما نبه عليه الحموي. قوله: (إلا الوصي) الاستثناء غير صحيح، لان مسألة الوصي لم تدخل في الأصل الذي ذكره حتى تخرج عنه، فإن الشراء فيها لم يقع من وكيل الوصي، وإنما وقع من الوصي بطريق وكالته عن الغير. قوله: (فله أن يشتري مال اليتيم لنفسه) أي إذا كان النفع ظاهرا كما في الأشباه وغيره. قوله: (لا لغيره بوكالة) وذلك لان الحقوق من جانب اليتيم ترجع إليه، ومن جانب الآمر كذلك، فيؤدي إلى المضادة بخلاف نفسه، وهذا إذا كان وصي الأب كما بينه في باب الوصي. والأصل أن من ملك تصرفا بالأصالة أو الولاية العامة يملك تمليكه اعتبارا بتمليك الأعيان، وشرطه أن لا يؤدي ذلك التفويض إلى التضاد والتنافي، وهو أن يجعل المفوض إليه متولي طرفي أمر يحتاج إلى الايجاب والقبول، كمبادلة المال بالمال فإنه يؤدي إلى أن الواحد يصير قاضيا ومقتضيا ومسلما ومتسلما وذلك متحقق هنا، وهذا تناقض في الأحكام الشرعية، والأحكام الشرعية تصان عنه. ذكر هذا الأصل محمد في الجامع الكبير كما في الحواشي الحموية. قوله: (وجاز التوكيل بالتوكيل) وهذا معلوم مما مر أنه لو أذن له بالتوكيل جاز، فلو وكله أن يوكل فلانا في شراء كذا ففعل واشترى الوكيل رجع بالثمن على المأمور، وهو على أمره ولا يرجع الوكيل على الآمر: أي الأول. أشباه، والله تعالى أعلم، واستغفر الله العظيم.
باب الوكالة بالخصومة والقبض لما كانت الخصومة مهجورة شرعا أخر بابها، والخصومة هي الدعوى الصحيحة أو الجواب الصريح بنعم أو لا وقد سبق. قوله: (والقبض) الواو بمعنى أو المجوزة للجمع، وقد زاد في المسائل على الترجمة، فقد ذكر وكيل الملازمة والتقاضي وغير ذلك. قوله: (والتقاضي) أي الطلب، وهذا في العرف، وفي أصل اللغة: القبض، لأنه تفاعل من تقاضيت ديني واقتضيت بمعنى أخذت ويأتي تمامه قريبا، وذكر حكم صورة الاجتماع ليعلم منه حكم التوكيل بأحدهما بالأولى. قوله: (أي أخذ الدين) هذا لغة، ومعناه عرفا: المطالبة. عناية. وكان عليه أن يذكر هذا المعنى فإنهم بنوا الحكم عليه معللين بأن العرف قاض على اللغو، ولا يخفى عليك أن أخذ الدين بمعنى قبضه، فلو كان المراد المعنى اللغوي يصير المعنى الوكيل بقبض الدين لا يملك القبض وهو غير معقول. تدبر.
قال بعض الفضلاء: تفسير التقاضي هنا بأخذ الدين ليس مما ينبغي، فإن الوكيل بأخذ الدين هو الوكيل بقبضه، والوكيل بقبضه له قبضه بالاجماع، بل المراد بالتقاضي المطالبة به والالحاح به على المديون، فحينئذ له التقاضي بهذا المعنى كالوكيل بالخصومة له الخصومة فيه عند القاضي وليس له القبض.