من حيث إنه حفظ العبد على نفسه من بيع الغريم له كما استظهره الطحطاوي. قوله: (لان الوكيل متى عمل لنفسه) أي فقط بطلت أي الوكالة. قوله: (إلا إذا وكل المديون بإبراء نفسه) أي هي مستثناة من هذه القاعدة، فإنه أجيزت مع كونه عاملا لنفسه وليست خارجة عنها، لان شرط الوكالة كونه عاملا لغيره لا كونه غير عامل لنفسه كما قاله المصنف، لان مسألة الكفالة والحوالة كذلك، فإن كلا منهما عامل لنفسه ولغيره، ولم تجز وكالتهما لأنه تمليك وليس بتوكيل كما قاله الزيلعي، إذ لو كان كذلك لم يصح رجوع الدائن عنه قبل إبراء المديون نفسه مع أنه يصح لكن يحتاج إلى معرفة إخراجها من القاعدة. أفاده الرحمتي.
وقال الرملي: ولقائل أن يقول: التمليك لا يكون إلا بعد إبرائه نفسه وبعده لا يصح رجوعه، تتأمل. قوله: (فيصح) قال في البحر: وأورد على بطلان توكيل الكفيل بالمال المعلل بأنه عامل لنفسه توكيل المديون بإبراء نفسه فإنه صحيح مع كونه عاملا لنفسه.
والتحقيق في جوابه ما في منية المفتي من قوله: ولو وكله بإبراء نفسه يصح، لأنه وإن كان عاملا لنفسه بتفريغ ذمته فهو عامل لرب الدين بإسقاط دينه، وشرط الوكالة كونه عاملا لغيره لا كونه غير عامل لنفسه ا ه.
إذ علمت ما ذكرت فلا وجه لقول المؤلف لان الوكيل متى عمل لنفسه بطلت إلا أن يحمل على ما إذا ان كان العمل لنفسه محضا ط.
قال العلامة المقدسي بعد ذكر مسألة توكيل الكفيل بالمال المذكورة: ونوقض بتوكيل المديون بإبراء نفسه من دين عليه صح وإن عمل لنفسه. وأجيب بالمنع مستندا لما ذكره شيخ الاسلام أنه لا يصح على خلاف ما في الجامع، ولئن سلم فالابراء تمليك بدليل أنه يرتد بالرد وليس بتوكيل.
وأجاب في المنية بأن شرط الوكالة كونه عاملا لغيره لا كونه غير عامل لنفسه، وزعم بعضهم أنه هو التحقيق، وفيه نظر لأنه إذا كان عملا واحدا وهو لنفسه فلا يجتمع مع كونه عاملا لغيره.
واعترض بأن عمل الوكيل لنفسه ضمني، لكون الموكل أصيلا في باب الوكالة والضمنيات قد لا تعتبر. وأجيب بمنع ذلك، بل الأصل وقوع التصرف لنفس العامل ا ه. قوله: (ويصح عزله قبل إبرائه نفسه) ولو كان ذلك تمليكا كما قال الزيلعي وتبعه العيني لم يصح رجوع الدائن عنه قبل إبرائه نفسه مع أنه يصح. بحر.
فإن قلت: إذا تكفل بما توكل بقبضه صحت الكفالة وبطلت الوكالة، فكان ينبغي أن لا يصح توكيل الكفيل بالمال وتبطل الكافلة. قلت: إنما صح تكفيل الوكيل لان الكفالة أقوى لكونها لازمة فكانت ناسخة، بخلاف العكس كما في الزيلعي، لكن قوله فكانت ناسخة يقتضي كون الكفالة بعد الوكالة مع أن ذلك لا يتعين. قال المصنف: الكفالة بالمال مبطلة للوكالة تقدمت الوكالة أو تأخرت.
قوله: (أو وكل المحتال المحيل بقبضه من المحال عليه) فيه أن المحيل انتقل الدين من ذمته بالإحالة وصار أجنبيا فلم لم يصح توكيله بالقبض؟ وأجيب بأنه ساع في تحصيل براءة نفسه، فإنه إذا مات المحال عليه مفلسا أو أنكر الحوالة ولا بيان رجع الدين على المحيل. قوله: (بالقبض) يصح أن يتعلق