غير ما وكل به. قوله: (ووكيل قبض الدين يملكها) أي الوكيل بقبض الدين يلي الخصومة مع المديون عند أبي حنيفة، حتى لو أقيمت عليها البينة على استيفاء الموكل أو إبرائه تقبل عنده، بخلاف العين.
وقالا: لا يكون خصما، وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة، لان القبض غير الخصومة، وليس كل من يؤتمن على المال يهتدي في الخصومات فلم يكن الرضا بالقبض رضا به. بحر.
والذي في جامع الفصولين في الفصل الخامس: ويوقف عندهما في الكل العين والدين. والحق أن قولهما أقوى، وهو رواية عنه، كذا في عدة وغيره. ا ه. ملخصا. ومثله في نور العين. لكن في تصحيح العلامة قاسم وعلى قول الإمام المحبوبي في أصح الأقاويل والاختيارات والنسفي والموصلي وصدر الشريعة: قيد بإقامة البينة عليه على استيفاء الموكل أو إبرائه، لأنه لو ادعى دينا على الموكل وأراد مقاصصته به لا يكون الوكيل خصما عنه، وهي واقعة الفتوى، وكذلك لو ادعى المشتري على وكيل البائع في قبض ثمن المبيع عيبا وأراد رده عليه لا يكون خصما فيه كما يدل عليه الكلام الآتي، وهي واقعة الفتوى أيضا. تأمله تفهم. والذي ذكره في المجتبى شرح القدوري كالصريح فيما قلناه، فإنه قال: والوكيل بقبض الدين وكيل بالخصومة فيه عند أبي حنيفة، فقوله فيه: أي في الدين يمنع كونه وكيلا بالخصومة في غيره كادعاء المديون الدين وكادعائه العيب في واقعتي الحال، فتأمل، أفاده الرملي.
أفاد أيضا أنه يؤخذ من هذا أن الجابي يملك المخاصمة مع مستأجري الوقف إذا ادعوا استيفاء الناظر، لان الناظر إذا أقام جابيا صار وكيلا عنه في القبض لما عليهم، وهي واقعة الفتوى. ا ه.
قال في البحر: من أحكامه: أي الوكيل بقبض الدين أنه يقبل قوله في دعوى القبض والهلاك في يده والدفع إلى موكله، لكن في حق براءة المديون لا في حق الرجوع على الموكل على تقدير الاستحقاق، حتى لو استحق إنسان ما أقر الوكيل بقبضه وضمن المستحق الوكيل فإنه لا يرجع الوكيل على موكله. قوله: (خلافا لهما) فلا تقبل البينة عليه باستيفاء الموكل أو إبرائه فلا يبرأ، لكن تقصر يد الوكيل حتى لا يتمكن من قبضه، بل يوقف الامر إلى حضور الغائب.
ولأبي حنيفة أنه وكله بالتملك لان الديون تقضى بأمثالها، إذ قبض الدين نفسه لا يتصور إلا أنه جعل استيفاء العين حقه من وجه، وإنما كان كذلك لئلا يمتنع قضاء ديون لا يجوز الاستبدال بها كبدل السلم والصرف فأشبه الوكيل بأخذ الشفعة والرجوع في الهبة والوكيل بالشراء والقسمة والرد بالعيب، وهذه أشبه بأخذ الشفعة حتى يكون خصما قبل القبض كما يكون خصما قبل الاخذ هنالك، إذ الوكيل بأخذ الشفعة خصم في الاثبات، ولا يصير خصما فيما إذا ادعى عليه تسليم الآخر لما فيه من إبطال حق الموكل، لكن المعتمد أنه ينتصب خصما وتسمع عليه البينة. وتوضيحه في البحر. قوله:
(لو وكيل الدائن) أي موضع الخلاف بين الامام والصاحبين في وكيل الدائن. قوله: (ولو وكيل القاضي) يعني إذا وكله القاضي بقبض ديون الغائب كما تقدم في باب المفقود. قوله: (كوكيل قبض العين) فإنه لا يلي الخصومة لأنه أمين محض فأشبه الرسول، حتى لو وكله بقبض عبده فبرهن ذو اليد أن الموكل باعه إياه وقف الامر حتى يحضر الغائب استحسانا.