كتاب الرهن هو مشروع، لقوله تعالى: * (فرهان مقبوضة) * (البقرة: 382) وبما روى أنه عليه الصلاة والسلام اشترى من يهودي طعاما ورهنه به درعه وانعقد عليه الاجماع. ومن محاسنة النظر لجانب الدائن بأمن حقه عن التوى، ولجانب المديون بتقليل خصام الدائن له وبقدرته على الوفاء منه إذا عجز. وركنه:
الايجاب فقط أو هو والقبول كما يجئ. وشروطه تأتي. وحكمه ثبوت يد الاستيفاء، وسببه تعلق البقاء المقدر، وإنما خص بالسفر في الآية، لان الغالب أنه لا يتمكن في من الكتابة والاستشهاد فيستوثق بالرهن. قوله: (هو لغة حبس الشئ) أي بأي سبب كان. قال تعالى: * (كل نفس بما كسبت رهينة) * (الكوثر: 83) أي محبوسة، ويطلق على المرهون تسمية للمفعول بالمصدر، يقال رهنت الرجل شيئا ورهنته عنده وأرهنته لغة فيه، والجمع رهان ورهون ورهن. والرهين والرهينة الرهن أيضا، والتركيب دال على الثبات والدوام. والراهن: المالك، والمرتهن آخذ الرهن. قوله: (أي جعله محبوسا) قال في إيضاح الاصلاح: هو جعل الشئ محبوسا بحق، لم يقل حبس الشئ بحق لان الحابس هو المرتهن لا الراهن، بخلاف الجاعل إياه محبوسا ا ه. ح وهذا تعريف للرهن التام أو اللازم، وإلا ففي انعقاد الرهن لا يلزم الحبس بل ذلك بالقبض ا ه. سعدي. قال القهستاني: والمتبادر أن يكون الحبس على وجه التبرع، فلو أكره المالك بالدفع إليه لم يكن رهنا كما في الكبرى فلا عليه ذكر الاذن كما ظن ا ه.
وسيأتي آخر الباب الآتي أنه لو أخذ عمامة المديون تكون رهنا إن رضى بتركها. قوله: (بحق) أي بسبب حق مالي ولو مجهولا. واحترز به عن نحو القصاص والحد واليمين. قهستاني، ودخل فيه بدل الكتابة فإن الرهن به جائز وإن لم تجز به الكفالة كما في المعراج عن الخانية. قوله: (يمكن استيفاؤه) أي استيفاء هذا الحق منه: أي من الرهن بمعنى المرهون. واحترز به عما يفسد كالثلج، وعن نحو الأمانة والمدبر وأم الولد والمكاتب. قال في الشرنبلالية: وأما الخمر فهو مال أيضا. ويمكن الاستيفاء منه بتوكيل ذمي يبيعه أو بنفسه إن كان المرتهن والراهن من أهل الذمة ا ه. لكنه ليس بمال متقوم في حق المسلم، فلا يجوز له رهنه ولا ارتهانه من مسلم أو ذمي وإن ضمنه للذمي كما يأتي في الباب الآتي. قوله: (كلا أو بعضا) تمييزان من هاء استيفاؤه الراجعة إلى الحق الذي هو الدين ا ه. فهما محولان عن المضاف إليه المفعول في المعنى، إذ الأصل استيفاء كله أو بعضه، وفيما ذكره الشارح جواب عن القهستاني لا يتناول ما كان أقل من الدين، فافهم. قوله:
(كالدين) تمثيل للحق. قوله: (كاف الاستقصاء) خبر مبتدأ محذوف: يعني أنها ليست للتمثيل ببعض الافراد إذ ليس المراد هنا سوى الدين، والداعي إلى هذا جعل المصنف الدين شاملا للعين، أما لو أطلقه أمكن جعل الكاف للتمثيل، بأن يراد بالدين الدين حقيقة. قوله: (كما سيجئ) أي قريبا في قوله: أو حكما. قوله: (وجد حرا