اشتر لي بها أو بع أو قال اشتر بها أو بع ولم يقل لي كان توكيلا، وكذا اشتر بهذا الألف جارية وأشار إلى مال نفسه، ولو قال اشتر جارية بألف درهم كانت مشورة، وما اشتراه المأمور فهو له دون الآمر، قال: وكذا لو قال اشتر له هذه بألف إلا إذا زاد على أن أعطيك لأجل شرائك درهما، لان اشتراط الاجر له يدل على الإنابة ا ه.
أقول: وحاصله أنه لا بد أن يكون في الامر ما يدل على أن المأمور يفعل أمرا للآمر بطريق النيابة عنه. قال في تهذيب القلانسي: الوكيل من يباشر العقد، والرسول من يبلغ المباشرة، والسلعة أمانة في أيديهما. ا ه. قال في المعراج: قيل الفرق بين الرسول والوكيل أن الوكيل لا يضيف العقد إلى الموكل، والرسول لا يستغني عن إضافته إلى المرسل، وإليه الإشارة في قوله تعالى: * (يا أيها الرسول بلغ) * (المائدة: 76). وقوله: * (وما أنت عليهم بوكيل) * (الانعام: 701). نفى الوكالة وأثبت الرسالة ا ه.
قال في الدرر في أوائل البيع: الرسول معبر وسفير فكلامه كلام المرسل، فالفرق أن الوكيل لا يتوقف على إضافة العقد إلى الموكل بل يضيفه لنفسه، إلا في مواضع كالنكاح والخلع والهبة والرهن ونحوها، فإن الوكيل فيها كالرسول، حتى لو أضاف النكاح لنفسه كان له والرسول لا يستغني عن إضافته إلى المرسل، فإذا لم يضف الرسول العقد إلى المرسل لم يقع، بل يقع للرسول. قال في البحر:
لو ادعى أنه رسول وقال البائع أنه وكيل وطالبه بالثمن فالقول للمشتري والبينة على البائع. وجه كون القول للمشتري أنه منكر إضافة العقد لنفسه والبائع يدعي عليه ذلك، والقول قول المنكر بيمينه، إليه الإشارة في الخانية في البيوع، وشرطه الإضافة إلى مرسله: أي شرط كون القول للمشتري إضافة عقد الشراء إلى مرسله، فلو أضافه لنفسه لزمه الثمن.
الرابع: في شرائطها، وهي أنواع ما يرجع إلى الموكل وما يرجع إلى الوكيل وما يرجع إلى الموكل به فما يرجع إلى الموكل كونه ممن يملك فعل ما وكل به بنفسه، وسنتكلم عليه عند شرح الكتاب، وما يرجع إلى الوكيل فالعقل، فلا يصح توكيل مجنون وصبي لا يعقل لا البلوغ والحرية وعدم الردة فيصح توكيل المرتد، ولا يتوقف لان المتوقف ملكه وتوكيل الصبي الذي يعقل والعبد في النكاح والطلاق والخلع والصلح والاستعارة والهبة والبيع والشراء والإجارة وكل ما يعقده الموكل بنفسه. مطلب: يشترط العلم للوكيل بالتوكيل ومما يرجع للوكيل أن يعلم بالتوكيل، فلو وكله ولم يعلم فتصرف توقف على إجازة الموكل أو الوكيل بعد علمه. وحكي في البدائع فيه اختلافا، ففي الزيادات أنه شرط، وفي الوكالة أنه ليس بشرط، ويثبت العلم إما بالمشافهة أو الكتاب إليه أو الرسول إليه أو بإخبار رجلين فضوليين أو واحد عدل أو غير عدل وصدقه الوكيل، وإلا فعنده لا، وعندهما نعم. وأما ما يرجع إلى الموكل به فإن لا يكون بإثبات حد أو استيفائه إلا حد السرقة والقذف، وعمم أبو يوسف الحد والقصاص على الاختلاف، وأن لا يكون فيه جهالة متفاحشة كما سيأتي.
الخامس: في حكمها، فمنه ثبوت ولاية التصرف الذي تناوله التوكيل، ومنه التوكيل العام، وقد صنف صاحب البحر فيه رسالة سماها (المسألة الخاصة في الوكالة العامة).
وحاصلها: أن الوكيل وكالة عامة يملك كل شئ إلا الطلاق والعتاق والهبة والصدقة على المفتى به.