على شهر واحد عند أبي حنيفة وعلى الأبد عند أبي يوسف وهو أرفق وعليه الفتوى كما في البحر ومفاده أنها لا تصح قبل الفرض أو التراضي على شئ معين وصرح به في البحر عن الذخيرة في شرح قوله (ولا تجب نفقة مضت إلا بالقضاء أو الرضا) لكن نقل بعده عن الواقعات لو قالت إنه يريد الغيبة وطلبت منه كفيلا ليس لها ذلك لأن النفقة لم تجب وقال أبو يوسف أستحسن أخذ كفيل بنفقة شهر وعليه الفتوى لأنها إن لم تجب للحال تجب بعده فيصير كأنه كفل بما ذاب لها على الزوج فيجبر استحسانا رفقا بالناس قال وزاد في الذخيرة إنه لا فرق بين كونها مفروضة أو لا اه قلت وهذا مخالف لما قبله من أنها لا تصح قبل الفرض أو التراضي ووفق الرملي بحمل ما قبله على حال الحضور وحمل هذا على حال إرادة الغيبة فيصح في الغيبة مطلقا استحسانا وعليه فما مر من أن الأب لا يطالب بنفقة زوجة ابنه إلا إذا ضمنها مقيد بالمفروضة أو المقضية توفيقا بين كلامهم قلت وفي الذخيرة عن كتاب الأقضية إذا ضمن النفقة والمهر عن زوجها فضمان النفقة باطل إلا أن يسمي شيئا بأن يصطلحا على شئ مقدر لنفقة كل شهر ثم يضمنه رجل فيجوز لوجوب النفقة بهذا الاصطلاح فيصح الضمان ولكن لا يلزمه أكثر من نفقة شهر اه والظاهر أن هذا هو القياس إذ لا يصح الضمان بما لم يجب لأن النفقة لا تجب قبل الاصطلاح على قدر معين بالقضاء وأو الرضا ولذا تسقط بالمضي عند عدم ذلك لكن علمت مما مر أن الاستحسان الجواز وإن لم تجب للحال وأنه يصير كأنه كفل لها بما ذاب لها على الزوج أي بما ثبت لها عليه بعد والكفالة بذلك جائزة في غير النفقة فكذا في النفقة ولا يخفى أن علة الاستحسان جارية في مسألتي الحضرة والغيبة ويدل عليه إطلاقهم مسألة ضمان الأب نفقة زوجة الابن وكذا قوله في فتح القدير ولو ضمن لها نفقة سنة جاز وإن لم تكن واجبة هذا ما ظهر لي من التوفيق وهو بالقبول حقيق فاغتنمه تنبيه هذه الكفالة تتضمن زمان العدة أيضا لأنه كفيل ما دام النكاح وهو في العدة باق من وجه كما في الذخيرة ونحوه في الفتح ولو كفل لها بنفقة ولدها أبدا أو بنفقة خادمها ما عاش لم يصح لسقوط النفقة عنه إذا أيسر الولد أو بلغ أو استغنت المرأة عن الخادم فكان الوقت مجهولا بخلاف نفقة المرأة لوجوبها ما بقي النكاح كما في الذخيرة ثم اعلم أن الكفالة بالمال يشترط لصحتها أن يكون المال دينا صحيحا وهو ما لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء ودين النفقة يسقط بالموت والطلاق فالقياس أو لا تصح فيه الكفالة وكأنهم أخذوا بالاستحسان كما ذكره الشارح في كتاب الكفالة فافهم قوله (لسقوطه) أي لسقوط دين النفقة بموت أحدهما وكذا بالطلاق على ما فيه من الخلاف على ما سيأتي فكان أضعف من دين الزوج فلا بد من رضاه اه ح قوله (بخلاف سائر الديون) أي فإنه يقع التقاص فيها تقاصا أو لا بشرط التساوي فلو اختلفا كما إذا كان أحدهما جيدا والآخر رديئا فلا بد من رضا صاحب الجيد
(٦٤٠)