قلت الفساد وإن كان في الفريقين لكن أكثر العوام لا يعرفون أن الاستثناء مبطل لليمين وإنما يعلمه ذلك حيلة بعض من لا يخاف الله تعالى وأيضا فإن دعوى الزوج خلاف الظاهر فإنه بدعوى الاستثناء يدعي إبطال الموجب بعد الاعتراف به بخلاف ما مر من أن القول قوله في وجود الشرط كدخولها الدار مثلا فإنه بعد قوله إن دخلت الدار فأنت طالق لم ينعقد الموجب للطلاق إلا بعد وجود الدخول وهو ينكره والظاهر يشهد له أما هنا فالأظهر خلاف قوله وإذا عم الفساد ينبغي الرجوع إلى الظاهر قال في الفتنة نقل نجم الدين النسفي عن شيخ الإسلام أبي الحسن أن مشايخنا أجابوا في دعوى الاستثناء في الطلاق أن لا يصدق الزوج إلا ببينة لأنه خلاف الظاهر وقد فسد حال الناس اه قوله (وقيل إن عرف بالصلاح الخ) قائله صاحب الفتح حيث قال عقب ما نقلناه عنه آنفا والذي عندي أن ينظر فإن كان الرجل معروفا بالصلاح والشهود لا يشهدون على النفي ينبغي أن يؤخذ بما في المحيط من عدم الوقوع تصديقا له وإن عرف بالفسق أو جهل حاله فلا لغلبة الفساد في هذا الزمان اه قلت ولا يخفى أن هذا تحقيق للقول الثاني المفتى به لأن المشايخ عللوه بفساد الزمان أي فيكون الزوج متهما وإذا كان صالحا تنتفي التهمة فيقبل قوله فلا يكون هذا قولا ثالثا فتدبر قوله (وحكم من لم يوقف على مشيئته الخ) تعميم بعد تخصيص فإن الباري عز وجل ممن لا يوقف على مشيئته وأفاد التمثيل أن المراد ما يعم من له مشيئة لا يوقف عليها كإن شاء الإنس ومن لا مشيئة له أصلا كإن شاء الجدار أفاده ط قوله (فيما ذكر) متعلق بحكم والمراد بما ذكر التعليق بالمشيئة ح قوله (كذلك) أي كالمعلق بمشيئة الله تعالى في عدم الوقوع ح قوله (وكذا إن شرك) بأن علق بمشيئة الله تعالى مثلا ومشيئة من يوفق على مشيئته قوله (لم يقع أصلا) أي وإن شاء زيد بحر قوله (ومثل إن لا) أي إذا قال إلا أن يشاء الله تعالى فهو مثل إن شاء الله تعالى ويحتمل أن يراد إلا المركبة من إن الشرطية ولا النافية كما في قوله تعالى * (إلا تفعلوه تكن فتنة) * (سورة الأنفال الآية 73) تنبيه ذكر في الولوالجية رجل قال لا أكلمه إلا ناسيا فكلمه ناسيا ثم كلمه ذكرا حنث بخلاف إلا إن أنسى فلا يحنث والفرق أنه في الأول أطلق واستثنى الكلام ناسيا فقط وفي الثاني وقت اليمين بالنسيان لأن قوله إلا أن بمعنى حتى فينتهي اليمين بالنسيان قوله (وإن لم) أي إن لم يشأ الله تعالى فلو قال أنت طالق واحدة إن شاء الله تعالى وأنت طالق ثنتين إن لم يشأ الله تعالى (لا يقع) شئ أما في الأولى فللاستثناء وأما في الثانية فلأنا لو أوقعناه علمنا أن الله تعالى شاءه لأن الوقوع دليل المشيئة لأن كل واقع بمشيئة الله تعالى هو علق بعدم مشيئة الله تعالى الطلاق لا بمشيئته جل وعلا فيبطل الإيقاع ضرورة بحر وتمام الكلام على هذه المسألة في التلويح عند الكلام على في الظرفية قوله (وما) أي ما شاء الله تعالى فلا يقع أما على كونها مصدرية ظرفية فظاهر للشك وأما على كونها موصولا اسميا فكذلك لأن المراد أنت طالق الطلاق الذي شاء الله تعالى ومشيئته لا تعلم فلا يقع إذ العصمة ثابتة بيقين فلا تزول بالشك أفاده في النهر قوله
(٤٠٦)