قال في العناية: ومعنى قولهم: إنه لا يوجب الحرمة بالانزال، أن الحرمة عند ابتداء المس بشهوة كان حكمها موقوفا إلى أن يتبين بالانزال، فإن أنزل لم تثبت، وإلا ثبت، لا أنها تثبت بالمس ثم بالانزال تسقط لان حرمة المصاهرة إذا ثبتت لا تسقط أبدا. قوله: (وفي الخلاصة الخ) هذا محترز التقييد بالأصول والفروع، وقوله لا تحرم أي لا تثبت حرمة المصاهرة، فالمعنى: لا تحرم حرمة مؤبدة، وإلا فتحرم إلى انقضاء عدة الموطوءة لو بشبهة. قال في البحر: لو وطئ أخت امرأته بشبهة تحرم امرأته ما لم تنقض عدة ذات الشبهة. وفي الدراية عن الكامل: لو زنى بإحدى الأختين لا يقرب الأخرى حتى تحيض الأخرى حيضة، واستشكله في الفتح، ووجهه أنه لا اعتبار لماء الزاني، ولذا لو زنت امرأة رجل لم تحرم عليه، وجاز له وطؤها عقب الزنا ا ه. قوله: (لا تحرم المنظور إلى فرجها الخ) تبع في هذا التعبير صاحب الدرر، واعترضه الشرنبلالي بأنه لا يصح إلا بتقدير مضاف:
أي لا يحرم أصل وفرع المنظور إلى فرجها، لما أنه لا يحرم نفس المنظور إلى فرجها. وأجيب بأن المراد لا تحرم على أصول الناظر وفروعه، وفيه أن الكلام في الحرمة وعدمها بالنسبة إلى أصولها وفروعها، فالأولى إسقاط لفظ تحرم وإبقاء المتن على حاله، فيكون قوله لا المنظور معطوفا على قوله والمنظور والمعنى: لا يحرم أصلها وفرعها، ويعلم منه عدم حرمتها عليه وعلى أصوله وفروعه بالأولى، فافهم. قوله: (إذا رآه) لا حاجة إليه لصحة تعلق الجار بقوله المنظور ط. قوله:
(لان المرئي مثاله الخ) يشير إلى ما في الفتح من الفرق بين الرؤية من الزجاج والمرآة، وبين الرؤية في الماء ومن الماء حيث قال: كأن العلة والله سبحانه وتعالى أعلم أن المرئي في المرآة مثاله لا هو، وبهذا عللوا الحنث (1) فيما إذا حلف لا ينظر إلى وجه فلان فنظره في المرآة أو الماء، وعلى هذا فالتحريم به من وراء الزجاج، بناء على نفوذ البصر منه فيرى نفس المرئي بخلاف المرآة ومن الماء، وهذا ينفي كون الابصار من المرآة والماء بواسطة انعكاس الأشعة، وإلا لرآه بعينه بل بانطباع مثل الصورة فيهما، بخلاف المرئي في الماء لان البصر ينفذ فيه إذا كان صافيا فيرى نفس ما فيه، وإن كان لا يراه على الوجه الذي هو عليه، ولهذا كان له الخيار إذا اشترى سمكة رآها في ماء بحيث تؤخذ منه بلا حيلة ا ه.
وبه يظهر فائدة قول الشارح مثاله لا يناسب قول المصنف تبعا للدرر بالانعكاس ولهذا قال في الفتح: وهذا ينفي الخ، وقد يجاب بأنه ليس مراد المصنف بالانعكاس البناء على القول بأن الشعاع الخارج من الحدقة الواقع على سطح الصقيل كالمرآة والماء ينعكس من سطح الصقيل إلى المرئي، حتى يلزم أنه يكون المرئي حينئذ حقيقته لأمثاله، وإنما أراد به انعكاس نفس المرئي، وهو المراد بالمثال فيكون مبنيا على القول الآخر، ويعبرون عنه بالانطباع وهو أن المقابل للصقيل تنطبع صورته ومثاله فيه لا عينه، ويدل عليه تعبير قاضيخان بقوله: لأنه لم ير فرجها، وإنما رأى عكس فرجها، فافهم. قوله: (هذا) أي جميع ما ذكر في مسائل المصاهرة. قوله: (مشتهاة)