تطلق في المجلس وإن طال مدة عدم توقيته، ومضي الوقت بأن لم يوقته أو وقته ولم يمض، فإن وقته ومضي سقط الخيار، وأما جعله مرفوعا والواو فيه للحال فهو فاسد صناعة ومعنى، أما الأول فلان جملة الحال التي فعلها مضارع مثبت لا تقترن بالواو، وأما الثاني فلصيرورة المعنى مدة لم يؤقت في حال مضي الوقت وإذا لم يوقت كيف يمضي الوقت، فافهم، نعم في بعض النسخ فمبضي الوقت بالفاء والباء الجارة للمصدر والمعنى: فإن وقت فينتهي المجلس بمضي الوقت.
قوله: (قبل علمها) ليس قيدا احترازيا، بل هو تنبيه على الأخفى ليعلم مقابله بالأولى كما هو عادة الشارح في مواضع لا تحصى، فافهم. قوله: (ما لم تقم الخ) الأولى أن يذكر له عاطفا يعطفه على قوله ما لم يوقته، ولو قال ما لم تفعل ما يدل على الاعراض مكان أحضر وأفود، ليصح عطف قوله:
أو حكما على حقيقة، لأنه يغنيه عن قوله أو تعمل ما يقطعه ولان بطلانه بكل قيام مطلقا قول البعض. والأصح كما في البحر والنهر أنه لا بد أن يدل على الاعراض، وأثر الخلاف يظهر فيما لو قامت لتدعو الشهود كما يأتي، ولو أقامها أو جامعها بطل كما يأتي لتمكنها من المبادرة إلى اختيارها نفسها فعدم ذلك دليل الاعراض. قوله: (لتبدل مجلسها حقيقة) أفاد أن القيام يختلف به المجلس حقيقة وهو خلاف ما في إيضاح الاصلاح، فإنه قال: إن المجلس وإن لم يتبدل بمجرد القيام إلا أن الخيار يبطل به لأنه يدل على الاعراض، وهذا ظاهر من كلام صاحب الهداية.
وفي التبيين: المجلس يتبدل تارة حقيقة بالتحول إلى مكان آخر، وتارة حكما بالأخذ في عمل آخر اه ط.
قلت: وكأن الشارح حمل القيام على التحول، فإنه يقال قام عن مجلسه: إذا تحول عنه، لا مجرد القيام عن قعود، لما علمت من أن بطلانه بكل قيام مطلقا خلاف الأصح. قوله: (مما يدل على الاعراض) قيد به لأنه لو خيرها فلبست ثوبا أو شربت لا يبطل خيارها، لان اللبس قد يكون لتدعو شهودا، والعطش قد يكون شديدا يمنع من التأمل، ودخل في العمل الكلام الأجنبي، وهذا في التخيير المطلق، أما المؤقت بشهر مثلا فلا يبطل بذلك ما دام الوقت باقيا كما مر. أفاده في البحر ويأتي تمام الكلام فيما يكون إعراضا وما لا يكون. قوله: (فيتوقف على قبولها في المجلس) أراد بالقبول الجواب، والضمير في يتوقف عائد على التطليق المفهوم من قوله: فلها أن تطلق لا على التمليك لما صرحوا به من أن هذا التمليك يتم بالمملك وحده، ولا يتوقف على القبول لكونها تطلق بعد التفويض وهو بعد تمام التمليك كما أوضحه في الفتح النهر، وبه علم أن هذا التمليك لا يتوقف تمامه في القبول ولا على الجواب في المجلس، لان الجواب: أي التطليق بعد تمامه، وإنما المتوقف على الجواب هو صحة التطليق، فافهم. قوله: (فلم يصح رجوعه) تفريع على كونه ليس توكيلا، فإن الوكالة غير لازمة فلو كان توكيلا لصح عزلها. قال في البحر عن جامع الفصولين:
تفويض الطلاق إليها، قيل هو وكالة يملك عزلها، والأصح أنه لا يملكه اه. لكن إذا كان تمليكا لا يلزم منه عدم صحة الرجوع، كما في المعراج قال: لانتفاضه بالهبة فإنها تمليك ويصح الرجوع اه.
وعلل له في الذخيرة بأنه بمعنى اليمين، إذ هو تعليق الطلاق بتطليقها نفسها، واعترضه في الفتح بأن هذا يجري في سائر الوكالات لتضمنه معنى إذا بعته فقد أجزته، مع أن الرجوع عنها